للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينفذ إليه من يثق به، فبعث حمدون بن إسماعيل فاعتذر له عن جميع ما قيل فيه وحمل إلى دار إتياخ فقتل بها وصلب على باب العامة، ثم أحرق وذلك في شعبان من سنة ست وعشرين، وقيل قطع عنه الطعام والشراب حتى مات.

[ظهور المبرقع]

كان هذا المبرقع يعرف بأبي حرب اليماني وكان بفلسطين، وأراد بعض الجند النزول في داره فمنعه بعض النساء فضربها الجندي، وجاء فشكت إليه بفعل الجندي، فسار إليه وقتله، ثم هرب إلى جبال الأردن فأقام به واختفى ببرقع على وجهه وصار يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعيب الخليفة ويزعم أنه أموي، واجتمع له قوم من تلك الناحية وقالوا: هو السفياني ثم أجابه جماعة من رؤساء اليمانية منهم ابن بهيس [١] وكان مطاعا في قومه وغيره فاجتمع له مائة ألف، وسرّح المعتصم رجاء بن أيوب في ألف من الجند فخام عن لقائه لكثرة من معه، وعسكر قبالته ينتظر أوان الزراعة وانصراف الناس عنه لأعمالهم. وبينما هم في الانصراف توفي المعتصم وثارت الفتنة بدمشق، فأمره الواثق بقتل من أثار الفتنة والعود إلى المبرقع، ففعل وقاتله فأخذه أسيرا وابن بهيس معه، وقتل من أصحابه عشرين ألفا وحمله وذلك سنة سبع وعشرين ومائتين.

[وفاة المعتصم وبيعة الواثق]

وتوفي المعتصم أبو إسحاق محمد بن المأمون بن الرشيد منتصف ربيع الأوّل سنة سبع وعشرين لثمان سنين وثمانية أشهر من خلافته، وبويع ابنه هارون الواثق صبيحته وتكنّى أبا جعفر. فثار أهل دمشق بأميرهم وحاصروه وعسكروا بمرج واسط [٢] وكان رجاء بن أيوب بالرملة في قتال المبرقع، فرجع إليهم بأمر الواثق فقاتلهم وهزمهم وأثخن فيهم، وقتل منهم نحو ألف وخمسمائة ومن أصحابه نحو ثلاثمائة، وصلح أمر دمشق، ورجع رجاء إلى قتال المبرقع حتى جاء به أسيرا [٣] بيعة


[١] ابن بيهس: ابن الأثير ج ٦ ص ٥٢٢.
[٢] مرج راهط: ابن الأثير ج ٦ ص ٥٢٨.
[٣] بياض بالأصل وفي الكامل ج ٧ ص ٩: «وفي هذه السنة (٥٢٨) اعطى الواثق أشناس تاجا ووشاحين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>