وبعد رجوع التتر المغربة من أذربيجان وبلاد قفجاق وسروان كما قدّمناه وخراسان يومئذ فوضى ليس بها ولاة الا متغلبون من بعض أهلها بعد الخراب الأوّل والنهب فعمروها فبعث جنكزخان عسكرا آخر من التتر اليها فنهبوها ثانيا وخربوها وفعلوا في ساوة وقاشان وقم مثل ذلك ولم يكن التتر أوّلا أصابوا منها ثم ساروا الى همذان فاجفل أهلها وأوسعوها نهبا وتخريبا وساروا في اتباع أهلها الى أذربيجان وكبسوهم في حدودها فأجفلوا وبعضهم قصد تبريز فسار التتر في اتباعهم وراسلوا صاحبها ازبك بن البلهوان في إسلام من عنده فبعث بهم بعد ان قتل جماعة منهم وبعث برءوسهم وصانعهم بما أرضاهم فرجعوا عن بلاده والله تعالى أعلم.
[وقائع أذربيجان قبل مسير جلال الدين اليها]
لما رجع التتر من بلاد قفجاق والروس وكانت طائفة من قفجاق لما افترقوا وفروا أمام التتر ساروا الى درنبر شروان واسم ملكه يومئذ رشيد وسألوه المقام في بلاده وأعطوه الرهن على الطاعة فلم يجبهم ريبة بهم فسألوه الميرة فأذن لهم فيها فكانوا يأتون اليها زرافات وتنصح له بعضهم بأنهم يرومون الغدر به وطلب منه الانجاد بعسكره وسار في أثرهم فأوقع بهم وهم باخلون بالطاعة فرجع ذلك القفجاقي بالعسكر ثم بلغه انهم رحلوا من مواضعهم فاتبعهم ثانيا بالعساكر حتى أوقع بهم ورجع الى رشيد ومعه جماعة منهم مستأمنين وقد اختفى فيهم كبير من مقدميهم وتلاحق به جماعة منهم فاعتزموا على الوثوب فهرب خائفا ولحق ببلاد شروان واستولت طائفة القفجاق على القلعة وعلى مخلف رشيد فيها من المال والسلاح واستدعوا أصحابهم فلحقوا بهم واعتزموا وقصدوا قلعة الكرج فحاصروها وخالفهم رشيد الى القلعة فملكها وقتل من وجد بها منهم فعادوا من حصار تلك المدينة الى درنبر وامتنعت عليهم القلعة فرجعوا الى تلك المدينة فاكتسحوا نواحيها وساروا الى كنجة من بلاد ارّان وفيها مولى لازبك صاحب أذربيجان فراسلوه بطاعة ازبك فلم يجبهم اليها وعدد عليهم ما بدر منهم في الغدر ونهب البلاد واعتذروا بأنهم انما غدروا شروان لانه منعهم الجواز الى صاحب أذربيجان وعرضوا عليه الرهن فجاءهم بنفسه ولقوة في عدد قليل فعدا عن محال التهمة فبعث بطاعتهم الى سلطانه وبعث بذلك الى أزبك وجاء بهم الى كنجة فأفاض فيهم الخلع والأموال وأصهر اليهم وأنزلهم بجبل كيكلون وجمع لهم الكرج فآواهم الى كنجة ثم