للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تونس في جمادى سنة ست وسبعمائة غازيا إلى جربة. ولم يزل يغذّ السير حتى انتهى إلى مجازها. ثم عبر منه إلى الجزيرة، وكان النصارى لما تغلبوا عليها سنة ثمان وثمانين وستمائة شيّدوا بها حصنا لاعتصام الحامية سمّوه بالقشتيل، فنزلت العساكر عليه.

وأنفذ الشيخ أبو يحيى عمّاله للجباية وأقام في منازلته شهرين. ثم انقطعت الأقوات واستعصى الحصن إلّا بالمطاولة فرجع إلى قابس. ثم ارتحل إلى بلاد الجريد وانتهى إلى توزر ونزلها، وأعمل في خدمته أحمد بن محمد بن بهلول [١] من مشيختها، فاستوفى جباية الجريد وعاد إلى قابس.

وأنزله عبد الملك بن عثمان بن مكي بداره، وصرّح بما روى عنه من حجّه. وصرف العساكر إلى الحضرة وولي بعده رياسة الموحدين وتدبير الدولة أبو يعقوب بن يزدوتن، وتحوّل عن قابس إلى بعض جبالها تجافيا عن هوائها الوخم. وأقام في انتظار الركب الحجازي، وكان مريضا فتحوّل إلى طرابلس فأقام بها عاما ونصفه إلى أن وصل وفد الترك من المغرب الأقصى آخر سنة ثمان وسبعمائة فخرج معهم حاجّا، ثم قضى فرضه وعاد فكان من شأنه واستيلائه على منصب الخلافة ما يأتي ذكره. ووصل مدد النصرانية إلى قشتيل سنة ثمان وسبعمائة بعد منصرف العساكر عنهم، وفيهم فردريك ابن الطاغية صاحب صقلّيّة، فقاتلهم أهل الجزيرة من المكارية [٢] لنظر أبي عبد الله ابن الحسين من مشيخة الموحدين ومعه ابن أومغار في قومه من أهل جربة فأظفرهم الله بهم. ولم يزل شأن هذه الجزيرة من المكان مع العدوّ كذلك منذ نشأت دولة صنهاجة، وربما وقعت الفتنة بين المكارية فتصل إحدى الطائفتين يدها بالنصارى إلى أن كان ارتجاعها في هذه النوبة سنة [٣] وأربعين لعهد مولانا السلطان أبي يحيى كما نذكره في أخباره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن مهلك السلطان أبي عصيدة وخبر أبي بكر الشهيد)]

كان السلطان أبو عصيدة بعد تهيؤ سلطانه [٤] ، وتمهيد ملكه، طرقه مرض الاستسقاء


[١] وفي نسخة ثانية: أحمد بن محمد بن يملول.
[٢] وفي نسخة ثانية: النكارين.
[٣] بياض بالأصل ولم نهتد إلى تحديد هذه السنة في المراجع التي بين أيدينا
[٤] وفي نسخة أخرى: بعد تملّي سلطانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>