للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فتح طرابلس]

كان الافرنج الذين بها قد نقضوا الصلح وأغاروا على الجهات فاستنفر السلطان العساكر من مصر والشام وأزاح عللهم وجهز آلات الحصار وسار اليها في محرم سنة ثمان وثمانين فحاصرها ونصب عليها المجانيق وفتحها عنوة لأربعة وثلاثين يوما من حصارها واستباحها وركب بعضهم الشواني للنجاة فردتهم الريح الى السواحل فقتلوا وأسروا وأمر السلطان بتخريبها فخربت وأحرقت وفتح السلطان ما اليها من الحصون والمعاقل وأنزل حاميتها وعاملها بحصن الأكراد ثم اتخذ حصنا آخر لترك النائب والحامية في العمل وسمي باسم المدينة وهو الموجود لهذا العهد وكان من خبر هذه المدينة من لدن الفتح أنّ معاوية أيام ولايته الشام لعهد عثمان بن عفان رضي الله عنه بعث اليها سفيان بن مخنف الأزدي فحاصرها وبنى عليها حصنا حتى جهد أهلها الحصار وهربوا منها في البحر وكتب سفيان الى معاوية بالفتح وكان يبعث العساكر كل سنة للمرابطة بها ثم جاء الى عبد الملك بن مروان بطريق من الروم وسأله في عمارتها والنزول بها مجمعا على أن يعطيه الخراج فأجابه وأقام قليلا ثم غدر بمن عنده من المسلمين وذهب الى بلاد الروم فتخطفته شواني المسلمين في البحر وقتله عبد الملك ويقال الوليد وملكها المسلمون وبقي الولاة يملكونها من دمشق الى أن جاءت دولة العبيديين فأفردوها بالولاية ووليّها رمّان الخادم ثم سرّ الدولة ثم أبو السعادة علي بن عبد الرحمن بن جبارة ثم نزال ثم مختار الدولة بن نزال وهؤلاء كلهم من أهل دولته ثم تغلب قاضيها أمين الدولة أبو طالب الحسن بن عمار وتوفى سنة أربع وستين واربعمائة وكان من فقهاء الشيعة وهو الّذي صنف الكتاب الملقب بخراب الدولة ابن منقذ بن كمود فقام بولاية أخيه أبي الحسن ابن محمد بن عمار ولقبه جلال الدين وتوفى سنة اثنتين وتسعين صنجيل من ملوكهم واسمه ميمنت ومعناه ميمون وصنجيل اسم مدينة عرف بها وأقام صنجيل يحاصرها طويلا وعجز ابن عمار عن دفاعه ثم قصد سلطان السلجوقية بالعراق محمد بن ملك شاه مستنجدا به واستخلف بالمناقب ابن عمه على طرابلس ومعه سعد الدولة فتيان بن الأغر فقتله أبو المناقب ودعا للأفضل ابن أمير الجيوش المستبدّ على خلفاء العبيديين بمصر لذلك العهد ثم هلك صنجيل وهو محاصر لها وولي مكانه السرداني من زعمائهم وبعث الأفضل قائدا الى طرابلس فأقام بها وشغل عن مدافعة العدوّ وبجمع الأموال ونمي عنه الى الأفضل أنه يروم الاستبداد فبعث آخر مكانه ونافر أهل البلد لسوء سيرته فتبين وصول المراكب من مصر بالمدد وقبض

<<  <  ج: ص:  >  >>