الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الإسلامية الى حين انقراض أمرهم وتلاشي أحوالهم
قال ابن العميد وفي الثانية من الهجرة بعث أبرويز عساكره إلى الشام والجزيرة فملكها، وأثخن في بلاد الروم، وهدم كنائس النصارى واحتمل ما فيها من الذهب والفضة والآنية، حتى نقل الرخام الّذي كان بالمباني، وحمل أهل الرّها على رأي اليعقوبيّة بإغراء طبيب منهم كان عنده فرجعوا إليه وكانوا ملكيّة. وفي سابعة الهجرة بعث عساكر الفرس ومقدّمهم مرزبانه شهريار فدوّخ بلاد الروم وحاصر القسطنطينية، ثم تغير له فكتب إلى المرازبة معه بالقبض عليه، واتفق وقوع الكتاب بيد هرقل فبعث به إلى شهريار فانتقض ومن معه، وطلبوا هرقل في المدد فخرج معهم بنفسه في ثلاثمائة ألف من الروم وأربعين ألفا من الخزر الذين هم التركمان، وسار إلى بلاد الشام والجزيرة وافتتح مدائنهم التي كان ملكها كسرى من قبل وفيما افتتح أرمينية، ثم سار إلى الموصل فلقيه جموع الفرس وقائدهم المرزبان فانهزموا وقتل.
وأجفل أبرويز عن المدائن واستولى هرقل على ذخائر ملكهم، وكان شيرويه بن كسرى محبوسا فأخرجه شهريار وأصحابه وملكوه وعقدوا مع هرقل الصلح، ورجع هرقل إلى آمد بعد أن ولّى أخاه تداوس على الجزيرة والشام، ثم سار إلى الرّها ورد النصارى اليعاقبة إلى مذهبهم الّذي أكرهوا على تركه وأقام بها سنة كاملة.
وعن غير ابن العميد: وفي آخر سنة ست [١] من الهجرة كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل كتابه من المدينة مع دحية الكلبي يدعوه إلى الإسلام، ونصّه على ما وقع في صحيح البخاري «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يوتك الله أجرك مرّتين فإن تولّيت فإنّ عليك إثم الأريسيّين. «ويا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلا نُشْرِكَ به شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً من دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ٣: ٦٤» . فلمّا بلغه الكتاب جمع من كان بأرضه من قريش وسألهم عن أقربهم نسبا منه فأشاروا
[١] قوله ست أي وكان وصوله إلى هرقل سنة سبع كما صوّبه ابن حجر (قاله نصر) .