خربت فيها الديور، ثم مات فجعل مكانه بنيامين فمكث سبعا وثلاثين سنة ومات، والفرس يومئذ قد ملكوا مصر والإسكندرية. وأمّا هرقل فسار من بيت المقدس إلى مصر وملكها وقتل الفرس، وولّى على الإسكندرية فوس وكان أمانيّا وجمع له بين البطركة والولاية. ورأى بنيامين البطرك في نومه شخصا يقول قم فاختف إلى أن يجوز غضب الرب فاختفى، وتقبّض هرقل على أخيه مينا وأراده على الأخذ بالأمانة الخلقدونية فامتنع فأحرقه بالنار ورمى بجثته في البحر. ثم عاد هرقل إلى قسطنطينية بعد أن جمع الأموال من دمشق وحمص وحماة وحلب وعمّر البلاد، إلى أن ملك مصر عمرو بن العاص وفتحها لثلاثمائة وسبع وخمسين لديقلاديانس، وكتب لبنيامين البطرك بالأمان فرجع إلى إسكندرية بعد أن غاب عن كرسيّه ثلاث عشرة سنة.
قال ابن العميد: وانتقل التاريخ إلى الهجرة لإحدى عشرة من ملك هرقل وذلك لتسعمائة وثلاث وثلاثين للإسكندر وستمائة وأربع عشرة للمسيح. قال المسعودي:
وقيل إنّ مولده عليه السلام كان لعهد نيشطيانش الثاني الّذي ذكر إنه نوسطيونس خمس عشرة سنة وهو الّذي ضرب السكّة الهرقليّة، وبعده مورق بن هرقل، قال:
والمشهور بين الناس أن الهجرة وأيام الشيخين كان ملك الروم لهرقل. قال: وفي كتب السير أن الهجرة كانت على عهد قيصر بن مورق، ثم كان بعهد ابنه قيصر بن قيصر أيام أبي بكر، ثم هرقل بن قيصر أيام عمرو عليه كان الفتح وهو المخرج من الشام، قال ومدّة ملكهم إلى الهجرة مائة وخمس وسبعون سنة.
قال الطبري: مدّة ما بين عمارة المقدس بعد تخريب بخت نصّر إلى الهجرة على قول النصارى ألف سنة وتزيد، ومن ملك الإسكندر إليها تسعمائة ونيف وعشرين سنة، ومنه إلى مولد عيسى ثلاثمائة وثلاث سنين، وعمره إلى رفعه اثنان وثلاثون سنة، ومن رفعه إلى الهجرة خمسمائة وخمس وثمانون سنة. وقال هروشيوش إنّ ملك هرقل كانت الهجرة في تاسعته وسمّاه هرقل بن هرقل بن أنطونيوس لستمائة وإحدى عشرة من تاريخ المسيح، ولألف ومائة من بناء رومة والله تعالى أعلم.