لما انتقل السلطان إلى ملكه بمصر وكان لسلار من السعي في أمره وتمكين سلطانه ما ذكرناه وكانت له سوء بال عند السلطان يعتني برعيها له وكانت الشويك من أقطاعه فرغب إلى السلطان في المسير إليها والتخلي فيها فأذن له وخلع عليه وزاده في أقطاعه وأقطاع مماليكه وأتبعه مائة من الطواشية بأقطاعهم وسار من مصر إلى الشويك في شوّال سنة ثمان وسبعمائة ثم بعث له داود المقسور بالكرك مضافا إلى الشويك وباللواء وبخلعة مذهبة ومركب ثقيل ومنطقة مجوهرة وأقام هنالك فلما كانت سنة عشر بعدها نمى إلى السلطان عن جماعة من الأمراء أنهم معتزمون على الثورة وفيهم أخو سلار فقبض عليهم جميعا وعلى شيع سلار وحاشيته الذين بمصر وبعث علم الدين الخوالي لاستقدامه من الكرك تأنيسا له وتسكينا فقدم في ربيع من السنة واعتقل إلى أن هلك في معتقله واستصفيت أمواله وذخائره بمصر والكرك وكانت شيئا لا يعبر عنه من الأموال والفصوص واللآلي والدروع والكراع والإبل ويقال أنه كان يغلّ كل يوم من أقطاعه وضياعه ألف دينار وأمّا أوليته فإنه لما خلص من أسر التتر صار مولى لعلاء الدين علي بن المنصور قلاون ولما مات صار لأبيه قلاون ثم لابنه الأشرف ثم لأخيه محمد بن الناصر وظهر في دولهم كلها وكان بينه وبين لاشين مودّة فاستخدم له وعظم في دولته متقربا في المراكب متحرّيا لمحبة السلطان إلى أن انقرض أمره ويقال أنه لما احتضر في محبسه قيل له قد رضي عنك السلطان فوثب قائما ومشى خطوات ثم مات والله أعلم.
[انتقاض النواب بالشام ومسيرهم إلى التتر وولاية تنكز على الشام]
كان قفجق نائب حلب قد توفي بعد أن ولاه السلطان فنقل مكانه إلى حلب [١] الكرجي من حماة سنة عشر فتظلم الناس منه فقبض عليه ونقل إليها قراسنقر المنصوري من نيابة دمشق وولى مكانه بدمشق سيف الدين كراي المنصوري سنة إحدى عشرة ثم سخطه واعتقله وولى مكانه بدمشق جمال الدين أقوش الأشرفي نقله إليها من الكرك
[١] بياض بالأصل وفي أخبار البشر ج ٤ ص ٦٠: واتفق عند ذلك موت سيف الدين قبجق نائب السلطنة بحلب في يوم السبت سلخ جمادى الأولى، فلما وصل خبر موته إلى الأبواب الشريفة أنعم السلطان بنيابة السلطنة بحلب على استدمر موضع سيف الدين قبجق.