للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطريوس العالم عن دانيال النبيّ أنهم يملكون الأندلس. ثم هلك فتبادر وملك ابنه ست عشرة سنة، وكان سيّئ السيرة. وولي بعده لزريق [١] ثم لم تزل طليطلة دار فتنة وعصبية ومنعة، أتعبت عبد الرحمن الداخل سبع سنين، وانتقضت على هشام والحكم وعلى عبد الرحمن الأوسط، إلى أن جاء الناصر فأدخلهم في الطاعة كرها لما أكمل فتح ماردة وبطليوس وتسترين، سار إليهم في العساكر وحاصرهم، وجاء الطاغية يظاهرهم فدافعه الناصر، وجثم عليها فخرج أميرهم ثعلبة بن محمد بن عبد الوارث إلى الناصر فاستقال واستأمن فأمّنه وعفا عنه، ودخلها الناصر وجال في أقطارها ورجع عنها، فلم يزالوا مستقيمين على الطاعة بعد.

[(أخبار الناصر مع أهل العدوة)]

ثم سما للناصر أمل في ملك عدوة البربر من بلاد المغرب، فافتتح أمره بملك سبتة من بني عصام ولاتها، واستدعى أمراء البربر بالعدوة، وبلغ الخبر إبراهيم بن محمد أمير بني إدريس فبادر إلى سبتة، وحاصرها أنفة من عبور الناصر إليهم. ثم استقال وكاتب الناصر بالولاية. وأمّا إدريس بن إبراهيم صاحب أرشكول من الأدارسة فبادر بولاية الناصر، وكاتبه وأهدى إليه، وتقبل أثره في ذلك محمد بن خزر أمير مغراوة، وموسى بن أبي العافية أمير مكناسة، وهو يومئذ صاحب المغرب بعد أن ملك قواعد المغرب الأوسط، وهي تنس ووهران وشرشال والبطحاء. وأهدوا إلى الناصر فقبل وكافأهم وأحكم ولايتهم، وبادر جماعة من الأدارسة إلى مثل ذلك منهم: القاسم ابن إبراهيم والحسن بن عيسى، وأهدى صاحب فاس هدية عظيمة وعقد له الناصر على أهل بيته. ولما فشت دعوة الناصر في المغرب الأقصى بعث عبيد الله المهدي قائده أن يصل أمير مكناسة، وعامل تاهرت فزحف في العساكر إلى المغرب سنة إحدى وعشرين، وكتب موسى بن أبي العافية إلى الناصر يستنجده، فأخرج إليه قاسم بن طملس في العساكر، ومعه الأسطول فوصل إلى سبتة وبلغه الخبر بأنّ موسى بن أبي العافية هزم عساكر حميد فأقصر ورجع حسبما هو مذكور في أخبارهم.


[١] اسمه ردريق القنبيطور drigoelcompeador وهو صاحب الاسطورة التي بنى عليها الشاعر الفرنسي كورني مسرحيته الشهيرة «السيد (تاريخ الشعوب الإسلامية ص ٣٢١ كارل بروكلمان)

<<  <  ج: ص:  >  >>