رمضان من السنة، وجهّز المراكب إلى عمان مائة قطعة، وبعث فيها الجيوش بنظر أبي الفتوح محمد بن العبّاس، وتقدّم إلى عضد الدولة بفارس أن يمدّهم بالعساكر من عنده فوافاهم المدد بسيراف وساروا إلى عمان فملكوها يوم الجمعة يوم عرفة من السنة، وفتكوا فيها بالقتل، وأحرقوا لهم تسعين مركبا، وخطب لمعز الدولة وصارت من أعماله.
[(وفاة معز الدولة وولاية ابنه بختيار)]
كان معز الدولة قد سار سنة خمس وخمسين وثلاثمائة إلى واسط لمحاربة عمران بن شاهين فطرقه المرض سنة ست وخمسين وثلاثمائة فسار إلى بغداد، وخلّف أصحابه بواسط على أن يعود إليهم فاشتدّ مرضه ببغداد، وجدّد العهد لابنه بختيار. ثم مات منتصف ربيع الآخر من السنة فقام ابنه عزّ الدولة بختيار مكانه، وكتب إلى العساكر بمصالحة عمران بن شاهين ففعلوا وعادوا. وكان فيما أوصى به معزّ الدولة ابنه بختيار طاعة عمّه ركن الدولة والوقوف عند إشارته وابن عمّه عضد الدولة لعلوّ سنّه عليه وتقدّمه في معرفة السياسة، وأن يحفظ كاتبيه أبا الفضل العبّاس بن الحسن وأبا الفرج بن العبّاس والحاجب سبكتكين، فخالف جميع وصاياه وعكف على اللهو وعشرة النساء والمغنّين والصفّاعين، فأوحش الكاتبين والحاجب، فانقطع الحاجب عن حضور داره. ثم طرد كبار الديلم عن مملكته طمعا في أقطاعاتهم، فشغب عليه الصغار واقتدى بهم الأتراك في ذلك، وطلبوا الزيادات، وركب الديلم الى الصحراء وطلبوا إعادة من أسقط من كبارهم، ولم يجد بدّا من إجازتهم لانحراف سبكتكين عنه، فاضطربت أموره وكان الكاتب أبو الفرج العبّاس في عمان منذ ملكها، فلمّا بلغه موت معزّ الدولة خشي أن ينفرد عنه صاحبه أبو الفضل العبّاس بن الحسين بالدولة، فسلّم عمان لعضد الدولة، وبادر إلى بغداد فوجد أبا الفضل قد انفرد بالوزارة ولم يحصل على شيء.