والماعون والآنية، فاستجادوا وتناغوا في اتخاذها وانتقائها إلى أن بلغت غايتها رجعت من بعده أدراجها، والله مالك الأمور ومصرّفها كيف يشاء.
[(الخبر عن بيعة الواثق يحيى بن المستنصر وهو المشهور بالمخلوع وذكر أحواله)]
لما هلك السلطان المستنصر سنة خمس وسبعين وستمائة كما قدّمناه، اجتمع الموحّدون وسائر الناس على طبقاتهم إلى ابنه يحيى، فبايعوه ليله مهلك أبيه، وفي غدها وتلقّب الواثق. وافتتح أمره برفع المظالم وتسريح أهل السجون وافاضة العطاء في الجند وأهل الديوان، وإصلاح المساجد، وإزالة كثير من الوظائف عن الناس. وامتدحه الشعراء فأسنى جوائزهم، وأطلق عيسى بن داود من اعتقاله وردّه إلى حاله. وكان المتولّي لأخذ البيعة عن الناس والقائم بأمره سعيد بن يوسف بن أبي الحسين لمكانه من الدولة ورسوخه في الشهرة، فقام بالأمر ولم يزل على ذلك إلى أن نكبه وأدال منه بالحببّر والله أعلم.
[(الخبر عن نكبة ابن أبي الحسين واستبداد ابن الحببر على الدولة)]
هذا الرجل اسمه يحيى بن عبد الملك الغافقي وكنيته أبو الحسن أندلسيّا من أعمال مرسية، وفد مع الجالية من شرق الأندلس أيام استيلاء العدو، وكان يحسن الكتابة ولم يكن له من الخلال سواها، فصرف في الأعمال، ثم ارتقى إلى خدمة أبي الحسين فاستكتبه، ثم رقّاه إلى ولاية الديوان فعظمت حالته، وكانت له أثناء ذلك مداخلة للواثق ابن السلطان، واعتدّها له سابقة. فلما استوثق الأمر للواثق رفع منزلته واختصّه بالشورى، وقلّده كتاب علامته. وكان سعيد بن أبي الحسين مزاحما له؟ منافسا لما كان أسف من تقديمه. فأغرى به السلطان ورغّبه في ماله فتقبّض على أبي سعيد بن أبي الحسين لستة أشهر من الدولة سنة ست وسبعين وستمائة واعتقل