للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطاعة، خوارج على الدولة لما كان السلطان وأبوه اختصا عريف بن يحيى أمير بني سويد أقتالهم، منذ نزع إليهم عن أبي تاشفين. فركبوا سنن الخلاف ولبسوا جلدة النفاق، وانتبذوا بالقفار. ورياستهم لذلك العهد لصغير بن عامر وإخوته. وعقد السلطان على حربهم لونزمار ابن وليّه عريف. وكان سيّد البدو يومئذ، فجمع لهم وشمّر لطلبهم، وأبعدوا أمامه في المذاهب، وأوقع بهم مرارا. ولحق بهم هذا الجازر، وانتسب لهم إلى السلطان أبي الحسن وأنه أبو عبد الرحمن ابنه النازع عنه، فشبّه لهم وبايعوه وأجلبوا به على نواحي المرية [١] . وبرز إليهم قائدها مجاهد بن [٢] من صنائع الدولة، ففضّوا جمعه وانهزم أمامهم. ثم جمع لهم ونزمار وفرّوا عن تلك النواحي وافترق جمعهم. ونبذوا لذلك الجازر عهده، فلحق ببني يرناتن من زواوة، ونزل على سيّدتهم شمسي فقامت بأمره. وحمل بنوها من بني عبد الصمد قومهم على طاعته. وشاع في الناس خبره فمن مصدّق ومن مكذّب حتى تبيّنت ووقفوا على كذبه في انتسابه، فنبذوا عهده ولحق بالزواودة أمراء رياح، ونزل على سيّدهم يعقوب بن عليّ، وانتسب له في مثل ذلك، فأجاره إن صدق نسبه.

وأوعز السلطان إلى السلطان أبي يحيى صاحب إفريقية في شأنه، فبعث إلى يعقوب وأشخصه إلى السلطان مع ذويه، فلحق به بمكانه من سبتة فامتحنه السلطان وقطعه من خلاف وانحسم دواؤه. وبقي بالمغرب تحت جراية من الدولة إلى أن هلك سنة ثمان وثمانين وسبعمائة [٣] والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن شأن الجهاد واغزاء السلطان ابنه الأمير ابا مالك واستشهاده)]

لما فرغ السلطان من أمر عدوّه وما تبع من ذلك من الأحوال، صرف اعتزامه إلى الجهاد لما كان كلفا به. وكان الطاغية منذ شغل بني مرين عن الجهاد منذ عهد يعقوب بن عبد الحق قد اعتزوا على المسلمين بالعدوة. ونازلوا معاقلهم،


[١] وفي نسخة ثانية: المدية.
[٢] بياض بالأصل ولم نستطع معرفة والد مجاهد هذا في المراجع التي بين أيدينا.
[٣] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: ثمان وستين.

<<  <  ج: ص:  >  >>