للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم من العرب مثل لواتة، يزعمون أنهم من حمير ومثل هوارة يزعمون أنهم من كندة من السكاسك، ومثل زناتة تزعم نسابتهم أنهم من العمالقة فروا أمام بني إسرائيل. وربما يزعمون فيهم أنهم من بقايا التبابعة ومثل عمارة أيضا وزواوة ومكلاتة يزعم في هؤلاء كلهم نسابتهم أنهم من حمير حسبما نذكره عند تفصيل شعوبهم في كل فرقة منهم، وهذه كلها مزاعم. والحق الّذي شهد به المواطن والعجمة أنهم بمعزل عن العرب إلا ما تزعمه نسابة العرب في صنهاجة وكتامة. وعندي أنهم من إخوانهم والله أعلم. وقد انتهى بنا الكلام إلى أنسابهم وأوليتهم، فلنرجع إلى تفصيل شعوبهم وذكرهم أمة بعد أمة. ونقتصر على ذكره من كانت له منهم دولة ملك أو سالف شهرة أو تشعب نسل في العالم وعدد لهذا العهد وما قبله من صنفي البرانس.

والبتر منهم وترتيبهم شعبا شعبا حسبما تأدى إلينا من ذلك واشتمل عليه محفوظنا، والله المستعان.

[(الفصل الثاني في ذكر مواطن هؤلاء البربر بإفريقية والمغرب)]

اعلم أن لفظ المغرب في أصل وضعه اسم إضافي يدل على مكان من الأمكنة بإضافته إلى جهة المشرق، ومشرق بالإضافة إلى جهة المغرب لأن العرف قد يخصص هذه الأسماء بجهات معينة وأقطار مخصوصة. وعرف أهل الجغرافيا المعتنين بمعرفة هيئة الأرض وقسمتها بأقاليمها ومعمورها وخرابها وجبالها وبحارها ومساكن أهلها، مثل بطليموس ورجاوز [١] وصاحب صقلّيّة المنسوب له الكتاب المشهور بين الناس لهذا العهد في هيئة الأرض والبلدان، وأمثالهم: أن المغرب قطر واحد مميز بين الأقطار.

فحدّه من جهة المغرب بحر المحيط وهو عنصر الماء، وسمي محيطا لإحاطته بما انكشف من الأرض كما قدمنا أول الكتاب.

ويسمى أيضا البحر الأخضر لتلونه غالبا بالخضرة، ويسمى بحر الظلمات لما أنه تقل فيه الأضواء من الأشعة المنعكسة على سطح الأرض من الشمس لبعده عن الأرض


[١] وفي نسخة أخرى: رجار وهو الصحيح وكان ملك صقلّيّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>