للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد بمصر.

[(فتنة ابن طولون مع الموفق)]

لما استأمن الزنج وتغلّبوا على نواحي البصرة، وهزموا العساكر بعث المعتمد إلى الموفّق، وكان المهتدي نفاه إلى مكة، فعهد له المعتمد بعد ابنه المفوّض، وقسّم ممالك الإسلام بينهما. وجعل الشرق للموفّق ودفعه لحرب الزنج، وجعل الغرب للمفوّض، واستخلف عليه موسى بن بغا، واستكتب موسى بن عبيد الله بن سليمان بن وهب. وأودع كتاب عهدهما في الكعبة. وسار الموفّق لحرب الزنج، واضطرب الشرق، وقعد الولاة عن الحمل، وشكا الموفق الحاجة إلى المال. وكان ابن طولون يبعث الأموال إلى المعتمد يصطنعه بذلك، فأنفذ الموفّق نحريرا خادم المتوكّل إلى أحمد بن طولون يستحثّه لحمل الأموال والطراز والرقيق والخيل، ودسّ إليه أن يعتقله واطلع على الكتب، وقتل بعض القوّاد وعاقب آخرين وبعث مع نحرير ألفي ألف ومائتي ألف دينار ورقيقا وطرزا. وجمع الرسم وبعث معه من أسلمه إلى ثقة أناجور صاحب الشام. ولما فعل ابن طولون بنحرير ما فعل، كتب الموفّق إلى موسى بن بغا بصرف أحمد بن طولون عن مصر وتقليدها أناجور. فكتب إلى أناجور بتقليدها فعجز عن مناهضة أحمد، فسار موسى بن بغا ليسلّم إليه مصر، وبلغ الرقّة واستحثّ أحمد في الأموال، فتهيّأ أحمد لحربه، وحصّن الجزيرة معقلا لحربه وذخيرته. وأقام موسى بالرقّة عشرة أشهر، واضطرب عليه الجند وشغبوا وطالبوه بالأرزاق واختفى كاتبه موسى بن عبيد الله بن وهب، فرجع وتوفي سنة أربع وستين ومائتين ثم كتب الموفّق إلى ابن طولون باستقلال ما حمله من المال، وعنّفه وهدّده فأساء ابن طولون جوابه، وأنّ العمل لجعفر بن المعتمد ليس لك فأحفظ ذلك الموفّق، وسأل من المعتمد أن يولّي على الثغور من يحفظها، وأنّ ابن طولون لا يؤمن عليها لقلّة اهتمامه بأمرها، فبعث محمد بن هارون التغلبيّ عامل الموصل، وركب السفن فألقته الريح بشاطئ دجلة، فقتله الخوارج أصحاب مسا والساري

.

<<  <  ج: ص:  >  >>