للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينه وبين أحمد بن طولون مودّة أكيدة، فاستخلفه على مصر، وأطلق يده على الإسكندرية والصعيد بعد أن كان مقتصرا على مصر فقط. وجعل إليه الخراج فسقطت رتبة ابن المدبّر. ثم أعاده المعتمد فلم ينهض إلى مساماة ابن طولون ولا منازعته. ثم كتب إليه المعتمد بضبط عيسى بن شيخ الشيبانيّ، وكان يتقلّد فلسطين والأردن، وتغلّب على دمشق، وطمع في مصر ومنع الحمل. واعترض حمل ابن المدبّر، وكان خمسة وسبعين حملا من الذهب فأخذها، فكتب إليه المعتمد يومئذ بولاية أعماله فادّعى العجز، وأنكر مال الحمل ونزع السواد، وأنفذ أناجور من الحضرة في العساكر إلى دمشق سنة سبع وخمسين. ثم خرج أحمد بن طولون إلى الإسكندرية ومعه أخوه موسى وكان يتجنى عليه، ويرى أنه لم يوف بحقّه، وظهر ذلك منه في خطابه فأوقع به ونفاه، وحبس كاتبه إسحاق بن يعقوب، واتهمه بأنه أفضى بسرّه إلى أخيه. وخرج أخوه حاجّا، وسار من هنالك إلى العراق، ووصف أخاه بالجميل فحظي بذلك عند الموفّق. واستفحل أمر أحمد واستكثر من الجند وخافه أناجور بالشام. وكتب الموفّق يغريه بشأنه وأنه يخشى على الشام منه.

فكتب الموفّق إلى ابن طولون بالشخوص إلى العراق لتدبير أمر السلطان، وأن يستخلف على مصر فشعر ابن طولون بالمكيدة في ذلك، فبعث كاتبه أحمد بن محمد الواسطي إلى يارجوج وإلى الوزير، وحمل إليهما الأموال والهدايا. وكان يارجوج متمكّنا في الدولة فسعى في أمره، وأعفاه من الشخوص وأطلق ولده وحرمه، واشتدّت وطأة ابن طولون وخافه أحمد بن المدبّر، فكتب إلى أخيه إبراهيم أن يتلطّف له في الانصراف عن مصر فورد الكتاب بتقليده خراج دمشق وفلسطين والأردن، وصانع ابن طولون بضياعه التي ملكها، وسار إلى عمله بمصر وشيّعه ابن طولون ورضي عنه وذلك سنة ثمان وخمسين ومائتين وولي الوزير على الخراج من قبله، وتقدّم لابن طولون باستحثاثه، فتتابع حمل الأموال إلى المعتمد. ثم كتب ابن طولون بأن تكون جباية الخراج له فأسعف بذلك، وأنفذ المعتمد نفيسا الخادم بتقليده خراج مصر وضريبتها، وخراج الشام. وبعث إليه نفيس الخادم ومعه صالح بن أحمد بن حنبل قاضي الثغور، ومحمد بن أحمد الجزوعي قاضي واسط شاهدين بإعفائه ما زاد على الرسم من المال والطراز. ومات يارجوج في رمضان سنة تسع وخمسين وكان صاحب مصر، ومن أقطاعه. ويدعى له قبل ابن طولون، فلمّا مات استقل

<<  <  ج: ص:  >  >>