للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(ثورة المهدي ومقتل عبد الرحمن المنصور وانقراض دولتهم)]

ولما حصل عبد الرحمن المنصور على ولاية العهد، ونقم ذلك الأمويون والقرشيون وغصّوا بأمره واتفقوا على تحويل الأمر جملة من المضرية إلى اليمنية فاجتموا لشأنهم، وتمشّت من بعض إلى بعض رجالاتهم، وأجمعوا أمرهم في غيبة من الحاجب الناصر ببلاد الجلالقة في غزاه من صوائف، ووثبوا بصاحب الشرطة ففتكوا به بمقعده من باب قصر الخلافة بقرطبة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وخلعوا هشاما المؤيد، وبايعوا محمد بن هشام بن عبد الجبار ابن أمير المؤمنين الناصر لدين الله من أعياص الملك، وأعقاب الخلفاء، ولقّبوه المهدي وطار الخبر إلى الحاجب بمكانه من الثغر فانفضّ جمعه، وقفل إلى الحضرة مدلا بمكانه زعيما بنفسه، حتى إذا قرب من الحضرة تسلل عنه الجند ووجوه البربر، ولحقوا بقرطبة وبايعوا المهدي القائم بالأمر، وأغروه بالناصر واعترضه منهم من تقبض عليه، واحتزّ رأسه وحمله إلى المهدي وإلى الجماعة وذهبت دولة العامريين.

[(ثورة البربر وبيعة المستعين وفرار المهدي)]

كان الجند من البرابرة وزناتة قد ظاهروا المنصور على أمره وأصبحوا شيعة لبنيه من بعده، ورؤساؤهم يومئذ زاوي بن مناد الصنهاجي وبنو ماكير ابن أخيه زيري، ومحمد ابن عبد الله البرزالي، ونصيل بن حميد المكناسي الفازع أبوه عن العبيديين إلى الناصر، وزيري بن غزانة المتيطي، وأبو زيد بن دوناس اليفرني، وعبد الرحمن بن عطاف اليفرني وأبو نور بن أبي قرّة اليفرني، وأبو الفتوح بن ناصر وحزرون بن محصن المغراوي، وبكساس بن سيد الناس، ومحمد بن ليلى المغراوي فيمن إليهم من عشائرهم، فلحقوا بمحمد بن هشام لما رأوا من انتقاض أمر عبد الرحمن وسوء تدبيره. وكانت الأموية تعتد عليهم ما كان من مظاهرتهم العامريّين، وتنسب إليهم تغلب المنصور وبنيه على أمرهم فسخطتهم القلوب، وخزرتهم العيون، وتنفست

<<  <  ج: ص:  >  >>