للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن ملوك بني أدفونش من الجلالقة ملوك الأندلس بعد الغوط ولعهد المسلمين وأخبار من جاورهم من الفرنجة والبشكنس والبرتغال والإلمام ببعض أخبارهم)]

والملوك لهذا العهد من النصرانية أربعة في أربعة من العمالات محيطة بعمالة المسلمين، قد ظهر اعجاز الملة في مقامهم معهم وراء البحر بعد ما استرجعوا من أيديهم ما نظمه الفتح الإسلامي أوّل الأمر. وأعظم هؤلاء الملوك الأربعة: قشتالة وعمالاته عظيمة متسعة مشتملة على أعمال جليقية كلها، مثل قشتالة وغليسية. والقرنتيرة وهي بسيط قرطبة وإشبيلية وطليطلة وجيان، آخذة في جوف الجزيرة من المغرب إلى المشرق. ويليه من جانب الغرب ملك البرتغال وعمالته صغيرة وهي أشبونة [١] ، ولا أدري نسبه فيمن هو من الأمم. ويغلب على الظنّ أنه من أعقاب القواميس الذين تغلبوا على عمالات بني أدفونش في العصور الماضية كما نذكر بعد، ولعله من أسباطهم وأولي نسبهم والله أعلم. ويلي ملك قشتالة هذا من جهة الشرق ملك نبرة [٢] ، وهو ملك البشكنس وعمالته صغيرة فاصلة بين عمالات قشتالة وعمالة ملك برشلونة. وقاعدة ملك نبرة وهي مدينة ينبلونة. وملك برشلونة وما وراءها. ونحن الآن نذكر أخبار هذه الأمم من عهد الفتح بما يظهر لك منه تفصيل أخبارهم، وذلك أن النصرانية لما تغلّب عليهم المسلمون عند الفتح سنة تسعين من الهجرة، وقتلوا لزريق ملك الغوط [٣] وانساحوا في نواحي جزيرة الأندلس، وأجفلت أمم النصرانية كلها أمامهم إلى سيف البحر من الجوف، وتجاوزوا الدروب وراء قشتالة، واجتمعوا بجليقية وملكوا عليهم ثلاثة: ابن ناقله فأقام ملكا تسع عشرة سنة، وهلك سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وولي ابنه قافلة سنتين، ثم هلك فولوا عليهم بعدهما أدفونش بن بطرة، وهو الّذي اتصل ملكه في عقبه لهذا العهد. ونسبهم في الجلالقة من العجم كما تقدّم. ويزعم ابن حيان أنهم من أعقاب الغوط، وعندي أنّ ذلك ليس بصحيح فإنّ أمة الغوط قد دثرت وغبرت


[١] أشبونة وتدعى أيضا لشبونة، وقد مرت معنا من قبل.
[٢] نبرة: من أعمال ماردة. (معجم البلدان) .
[٣] هم القوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>