للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزلوا على حكمه فقطع ابن ماسي بعد أن قتله ومثّل به. وقتل سلطانه، واستلحم سائر بني ماسي بالنكيل والقتل والعذاب. واستولى على المغرب واستبدّ بملكه وأفرج السلطان ابن الأحمر على سبتة وأعادها إليه. واتصلت الموالاة بينهما. وأقام ابن الأحمر في اعتزازه ولم تطرقه نكبة ولا حادثة سائر أيامه إلا ما بلغنا أنه نمي له عن ابنه وليّ عهده أبي الحجّاج يوسف أنه يروم التوثّب به، وكان على سفر في بعض نواحي الأندلس فقبض على ولده لحينه، ورجع إلى غرناطة. ثم استكشف حاله فظهرت براءته فأطلقه وأعاده إلى أحسن أحواله. وإلا ما بلغنا أيضا أنه لمّا سار من غرناطة إلى جبل الفتح شاربا [١] لأحوال السلطان أبي العبّاس وهو بالصفيحة من جبال غمارة، وابن ماسي يحاصره، فنمي إليه أن بعض حاشيته من أولاد الوزراء وهو ابن مسعود البلنسي [٢] ابن الوزير أبي القاسم بن حكيم قد اتفقوا على اغتياله، وأن ابن ماسي دسّ إليهم بذلك ونصبت له على ذلك العلامات التي عرفها فقبض عليهم لحينه، ولم يمهلهم وقتلهم وجميع من داخلهم في ذلك، ورجع إلى غرناطة وأقام ممتنعا بملكه إلى أن هلك سنة ثلاث وتسعين، فولي مكانه ابنه أبو الحجّاج وبايعه الناس، وقام بأمره خالد مولى أبيه وتقبّض على إخوته سعد ومحمد ونصر فهلكوا في محبسهم، ولم يوقف لهم على خبر. ثم سعى عنده في خالد القائم بدولته أنه أعد السمّ لقتله، وأن يحيى بن الصائغ اليهودي طبيب دارهم داخله في ذلك ففتك بخالد، وقتل بين يديه صبرا بالسيوف لسنة أو نحوها من ملكه. وحبس الطبيب فذبح في محبسه. ثم هلك سنة أربع وتسعين لسنتين أو نحوها من ملكه. وبويع ابنه محمد وقام بأمره محمد الخصاصي القائد من صنائع أبيه، والحال على ذلك لهذا العهد والله غالب على أمره. وقد انقضى ذكر الدولة الأموية المنازعين لبني العبّاس ومن تبعهم من الملوك بالأندلس، فلنذكر الآن شيئا من أخبار ملوك النصرانية الذين يجاورون المسلمين بجزيرة الأندلس من سائر نواحيهم، ونلمّ بطرف من أنسابهم ودولهم.


[١] بمعنى مستضعفا.
[٢] كذا بياض بالأصل ولم نستطع تحديد الأسماء الناقصة من المراجع التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>