للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأغذّ السير إلى فاس، فلما تجاوز تازي وتوسّط ما بينهما وبين فاس، افترق عنه بنو مرين وسائر عساكره، وساروا على راياتهم إلى السلطان موسى، ونهب معسكره، ورجع هو إلى تازي فتوثّق منه عاملها حتى جاء يريد السلطان من فاس فتقبض عليه، وحمله إلى فاس وأزعجه السلطان موسى إلى الأندلس ونزل على ابن الأحمر كما كان هو. واستولى السلطان موسى على المغرب واستبد عليه وزيره مسعود، وطالب ابن الأحمر بالنزول على سبتة فامتنع، ونشأت بينهما الفتنة، ودسّ ابن ماسي لأهل بيته بالثورة على حامية السلطان ابن الأحمر عندهم فثاروا عليهم، وامتنعوا بالقصبة حتى جاءهم المدد في أساطيل ابن الأحمر، فسكن أهل بيته واطمأنت الحال، ونزع إلى السلطان ابن الأحمر جماعة من أهل الدولة، وسألوه أن يبعث لهم ملكا من الأعياص الذين عنده، فبعث إليهم الواثق محمد بن الأمير أبي الفضل ابن السلطان أبي الحسن وشيّعه في الاسطول إلى سبتة، وخرج إلى غمارة وبلغ الخبر إلى مسعود بن ماسي، فخرج إليه في العسكر وحاصره بتلك الجبال. ثم جاءه الخبر بموت سلطانه موسى ابن السلطان أبي عنّان بفاس فارتحل راجعا. ولما وصل إلى دار الملك نصّب على الكرسي صبيا من ولد السلطان أبي العبّاس كان تركه بفاس. وجاء السلطان أبو عنّان ابن الأمير أبي الفضل، ونزل بجبل زرهون قبالة فاس. وخرج ابن ماسي في العساكر فنزل قبالته. وكان متولي أمره أحمد بن يعقوب الصبيحي، وقد غصّ به أصحابه فذبوا [١] عليه وقتلوه أمام خيمة السلطان. وامتعض السلطان لذلك ووقعت المراسلة بينه وبين ابن ماسي على أن يبايع بشرط الاستبداد عليه، واتفقا على ذلك.

ولحق السلطان بابن ماسي ورجع به إلى دار الملك فبايع له وأخذ له البيعة من الناس.

وكانت معه حصة من جند السلطان ابن الأحمر مع مولى من مواليه فحبسهم جميعا.

وامتعض لذلك السلطان فاركب ابا العبّاس البحر وجاء معه بنفسه إلى سبتة فدخلها وعساكر ابن ماسي عليها يحاصرونها، فبايعوا جميعا للسلطان أبي العبّاس. ورجع ابن الأحمر إلى غرناطة، وسار السلطان أبو العباس إلى فاس واعترضه ابن ماسي في العساكر فحاصره بالصفيحة من جبل غمارة، وتحدّث أهل عسكره في اللحاق بالسلطان أبي العبّاس ففزعوا إليه، وهرب ابن ماسي وحاصره السلطان شهرا حتى


[١] فذبوا: ذبّ: دافع وحامي، ولم نجد لها معنى هنا ومقتضى السياق هجم. اما مقتضى سياق الجملة:
ذبّ عنه أصحابه، وقتله جماعة السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>