القوّاد فاضطربوا وكتب جوابهم بما سألوا، وطلب أبو القاسم من القوّاد أن يبعثوا معه رسولا بالعذر عنهم ففعلوا، ومضى أبو القاسم إليهم بكتاب الكتّاب وبرسل القوّاد وأعذارهم. فكتبوا إلى المهتدي يطلبون التوقيعات بحط الزيادات وردّ الاقطاعات وإخراج الموالي البرّانيين من الخاصة، وردّ الرسوم إلى عاداتها أيام المستعين، ومحاسبة موسى بن بغا وصالح بن وصيف على ما عندهم من الأموال ووضع العطاء على كل شهرين وصرف النظر في الجيش إلى بعض إخوته أو قرابته وإخراجه من الموالي، وكتبوا بذلك إلى المهتدي والقوّاد فأجابهم إلى جميع ما سألوه. وكتب إليهم موسى بن بغا بالإجابة في شأن صالح والإذن في ظهوره فقرءوا الكتابين ووعدوا بالجواب، فركب إليهم أبو القاسم واتبعه موسى في ألف وخمسمائة فوقف في طريقهم، وجاءهم أبو القاسم فاضطربوا في الجواب ولم يتّفقوا فرجع وردّ موسى بن بغا فأمرهم المهتدي بالرجوع وأن يتقدّم إليهم محمد بن بغا مع أبي القاسم، ويدفعوا إليهم كتاب الأمان لصالح بن وصيف، وقد كان من طلبتهم أن يكون موسى في مرتبة أبيه وصالح كذلك والجيش في يده، وأن يظهر على الأمان فأجيبوا إلى ذلك. وافترق الناس إلى الكرخ والدور وسامرّا، فلما كان من الغد ركب بنو وصيف في جماعة ولبسوا السلاح فنهبوا دواب العامة وعسكروا بسامرّا وتعلقوا بأبي القاسم يطلبون صالحا فأنكر المهتدي أن يكون علم بمكانه، وقال: إن كان عندهم فليظهروه. ثم ركب ابن بغا في القوّاد ومعه أربعة آلاف فارس وعسكر، وافترق الأتراك ولم يظهر للكرخيين ولا لأهل الدور وسامرّا في هذا اليوم حركة، وجدّ موسى في طلب صالح ونادى عليه وعثر عليه بعض الغوغاء فجاء به إلى الجوسق والعامة في اتباعه فضربه بعض أصحاب مفلح فقتله وطيف برأسه على قناة وخرج موسى بن بغا لقتال السراة بناحية السنّ.
[الصوائف منذ ولاية المنتصر إلى آخر أيام المهتدي]
في سنة ثمان وأربعين أيام المستعين خرج بناحية الموصل محمد بن عمر الشاربي وحكم فسرّح المنتصر إسحاق بن ثابت الفرغاني فأسره في عدّة من أصحابه وقتلوا وصلبوا وفي هذه السنة غزا بالصائفة وصيف وأمره المنتصر بالمقام بملطية أربع سنين يغزو في أوقات الغزو إلى أن يأتيه رأيه، وكان مقيما بالثغر الشامي فدخل بلاد الروم وافتتح حصن قدورية. وفي سنة تسع وأربعين غزا بالصائفة جعفر بن دينار فافتتح مطامير واستأذنه