للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها من قتل صدقة، واستحلف دبيسا على الطاعة، وأن لا يحدث حدثا. وأقام في ظله وأقطعه السلطان إقطاعا كثيرا. ولم يزل دبيس مقيما عند السلطان محمد إلى أن توفي، وملك ابنه محمود سنة إحدى عشرة وخمسمائة، فرغب دبيس من السلطان محمود أن يسرحه إلى بلده، فسرحه، وعاد إليها فملكها واجتمع عليه خلق كثير من العرب والأكراد واستقام أمره.

[(خبر دبيس مع البرسقي ومع الملك مسعود)]

لما توفي الخليفة المستظهر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وبويع ابنه المسترشد خاف ابنه الآخر من غائلة أخيه وانحدر في البحر إلى المدائن، وسار منها إلى الحلّة فأبى أن يكرهه فتلطّف عليّ بن طراد لأخي الخليفة فأجاب، وتكفل دبيس بما يطلبه، وبينما هو في خلال ذلك برز البرسقيّ من بغداد مجلبا على دبيس الجموع، وسار أخو الخليفة إلى واسط فملكها في صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وقوي أمره وكثرت جموعه فبعث الخليفة إلى دبيس في شأنه، وأنه خرج عن جواره فلقي أمره بالطاعة، وبعث إليه وهو بواسط عسكرا من قبله فتلقاه وقبض عليه، وبعثه إلى أخيه المسترشد. وكان مسعود أخو السلطان محمد بالموصل ومعه أتابكه حيوس بك [١] ، فاعتزما على قصد العراق لغيبة السلطان محمود عنه، فسار لذلك ومعه وزيره فخر الملك أبو عليّ بن عمّار صاحب طرابلس، وقسيم الدولة زنكي بن آق سنقر أبو المعالي أبو الملك العادل، وكروباوي بن خراسان التركماني صاحب البواريح [٢] وأبو الهيجاء صاحب إربل وصاحب سنجار، فلما قاربوا بغداد خاف البرسقي شأنهم وبعث إليه الملك مسعود وحيوس بك أنهم إنما جاءوا نجدة على دبيس. وكان البرسقيّ إنّما ارتاب من حيوس بك فصالحهم، ودخل مسعود بغداد ونزل دار المملكة. وجاء منكبرس في العساكر فسار البرسقيّ عن بغداد لمحاربته ودفاعه فمال إلى النعمانيّة، وعبر دجلة واجتمع مع دبيس بن صدقة. وكان دبيس قد صانع مسعودا وصاحبه بالهدايا والألطاف مدافعة عن نفسه، فلما لقيه منكبرس اعتضد به، وسار الملك مسعود


[١] أتابكه أي أبه جيوش بك: ابن الأثير ج ١٠ ص ٥٣٩.
[٢] البوازيج وقد مرّ ذكرها من قبل.
ابن خلدون م ٢٤ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>