وكان عدة من ملك منهم من زيري بن مناد إلى الحسن تسعة ملوك ومدة ولايتهم مائة وثمانين سنة من إحدى وستين وثلاثمائة إلى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وكان بعض القواد قد أرسله الحسن إلى رجار برسالة فأخذ لنفسه وأهله منه أمانا فلم يخرج معهم. ولما ملك المدينة نهبت مقدار ساعتين ونودي بالأمان فخرج من كان مستخفيا وأصبح جرجي من الغد فأرسل إلى من قرب من العرب فدخلوا إليه فأحسن إليهم وأعطاهم أموالا جزيلة وأرسل من جند المهدية الذين تخلفوا بها جماعة ومعهم أمان لأهل المهدية الذين خرجوا منها ودواب يحملون عليها الأطفال والنساء، وكانوا قد أشرفوا على الهلاك والجوع، ولهم بالمهدية خبايا وودائع، فلما وصل إليهم الأمان رجعوا فلم يمض غير جمعة حتى رجع أكثر أهل البلد. وأما الحسن فأنه سار بأهله وأولاده وكانوا اثني عشر ولدا ذكرا غير الإناث وخواص خدمه قاصرا إلى محرز بن زياد وهو بالمعلقة فلقيه في طريقه أمير من العرب يسمى حسن بن ثعلب، فطلب منه مالا انكسر له في ديوانه فلم يمكن الحسن إخراج مال لئلا يؤخذ فسلم إليه ولده يحيى رهينة، وسار فوصل في اليوم الثاني إلى محرز، وكان الحسن قد فضله على جميع العرب وأحسن إليه ووصله بكثير من المال فلقيه محرز لقاء جميلا وتوجع لما حل به فأقام عنده شهورا، والحسن كاره للإقامة فأراد المسير الى ديار مصر الى الخليفة الحافظ العلويّ واشترى مركبا السفرة فسمع جرجي الفرنجي فجهز شواني ليأخذه فعاد عن ذلك، وعزم على المسير إلى عبد المؤمن بالمغرب فأرسل كبار أولاد يحيى وتميما وعليا إلى يحيى بن عبد العزيز وهو من بني حماد وهما أولاد عم يستأذنه في الوصول إليه وتجديد العهد به والمسير من عنده إلى عبد المؤمن فأذن له يحيى فسار إليه، فلما وصل لم يجتمع به يحيى وسيره إلى جزيرة بني مزغنان هو وأولاده ووكل به من يمنعهم من التصرف فبقوا كذلك إلى أن ملك عبد المؤمن بجاية سنة سبع وأربعين فحضر عنده، وقد ذكرنا حاله هناك. ولما استقر جرجي بالمهدية سير أسطولا بعد أسبوع إلى مدينة سفاقس وسير أسطولا آخر إلى مدينة سوسة، فأما سوسة فان أهلها لما سمعوا خبر المهدية وكان واليها علي بن الحسن الأمير فخرج إلى أبيه وخرج الناس لخروجه فدخلها الفرنج بلا قتال في ١٢ صفر. أما سفاقس فإن أهلها أتاهم كثير من العرب فامتنعوا بهم فقاتلهم الفرنج فخرج إليهم أهل البلد فأظهر الفرنج الهزيمة وتبعهم الناس حتى أبعدوا عن البلد، ثم عطفوا عليهم فانهزم قوم إلى