ابن محمد، فكتب له بولايتها، ثم ثارت عليه الخوارج في كلّ جهة فكان عمر بن عطاب الأزديّ بطبنياش، وعروة بن الوليد الصغريّ بتونس، وثابت الصّنهاجيّ بباجة، وعبد الجبّار بن الحرث بطرابلس على رأي الإباضيّة، فزحف عبد الرحمن إليهما سنة إحدى وثلاثين فظفر بهما، وقتلهما، وسرّح أخاه الياس لابن عطاب فهزمه وقتله، ثم زحف إلى عروة بتونس فقتله، وانقطع أمر الخوارج، وزحف سنة خمس وثلاثين إلى جموع من البربر بنواحي تلمسان فظفر بهم وقفل. ثم بعث جيشا في البحر إلى صقلّيّة وآخر إلى سردانية فاثخنوا في أمم الفرنج حتى استقرّوا بالجزاء. ثم دالت دولة بني العبّاس وبعث عبد الرحمن بطاعته إلى السفّاح. ثم إلى أبي جعفر من بعده.
ولحق كثير من بني أمية إلى إفريقية. وكان ممن قدم عليه القاضي، وعبد المؤمن ابنا الوليد بن يزيد ومعهما ابنة عمّ لهما، فزوّجها عبد الرحمن من أخيه الياس. ثم بلغ عبد الرحمن عنهما السعي في الخلافة فقتلهما، وامتعضت لذلك ابنة عمهما، فأغرت زوجها بأخيه عبد الرحمن واستفسدته. وكان عبد الرحمن قد أرسل إلى أبي جعفر بهدية قليلة، وذهب يعتذر عنها فلم يحسن العذر، وأفحش في الخطاب فكتب إليه المنصور يتهدّده، وبعث إليه بالخلعة فانتقض هو ومزّق خلعته على المنبر فوجد أخوه الياس بذلك السبيل إلى ما كان يحاول عليه، وداخل وجوها من الجند في الفتك بعبد الرحمن وإعادة الدعوة للمنصور، ومالأه في ذلك أخوه عبد الوارث، وفطن عبد الرحمن لهما فأمر الياس بالمسير إلى تونس، وجاء ليودّعه ومعه أخوه عبد الوارث فقتلاه في آخر سبع وثلاثين لعشر سنين من إمارته.
[(حبيب بن عبد الرحمن)]
ولما قتل عبد الرحمن نجا ابنه حبيب إلى تونس فلحق به بعد أن طلبوه وضبطوا أبواب القصر ليأخذوه فلم يظفروا به. وكان عمّه عمران بن حبيب بتونس فلحق به، واتبعه الياس فاقتتلوا مليا ثم اصطلحوا على أن يكون لحبيب قفصة وقصطيلة ونفزاوة، ولعمران تونس وصطفورة، وهي تبرزو والجزيرة، ولإلياس سائر إفريقية. وتمّ هذا الصلح سنة ثمان وثلاثين. وسار حبيب إلى عمله ببلاد الجريد، وسار الياس مع أخيه