أن يكون تورون أميرا وجحجح صاحب الجيش. ثم طمع ابن البريدي في واسط وأصعد إليها وطلب من تورون أن يضمّنه إيّاها، فردّه ردّا جميلا. وكان قد سار جحجح لمدافعته فمرّ به الرسول في طريقه وحادثة طويلا، وسعى إلى تورون بأنه لحق بابن البريدي فأسرى إليه وكبسه منتصف رمضان، فقبض عليه وجاء به إلى واسط فسمله، وبلغ الخبر إلى سيف الدولة وكان لحق بأخيه، فعاد إلى بغداد منتصف رمضان، وطلب المال من المتّقي لمدافعة تورون، فبعث أربعمائة ألف درهم وفرّقها في أصحابه وظهر له من كان مستخفيا ببغداد وجاء تورون من واسط بعد أن خلّف بها كيغلغ. فلمّا أحس به سيف الدولة رحل فيمن انضم إليه من أجناد واسط وفيهم الحسن بن هارون، وسار إلى الموصل ولم يعاود بنو حمدان بعدها بغداد.
[امارة تورون ثم وحشته مع المتقي]
لما سار سيف الدولة عن بغداد دخلها تورون آخر رمضان سنة إحدى وثلاثين، فولّاه المتّقي أمير الأمراء، وجعل النظر في الوزارة لأبي جعفر الكرخيّ كما كان الكوفيّ.
ولما سار تورون عن واسط خالفه إليها البريدي فملكها. ثم انحدر تورون أوّل ذي القعدة لقتل البريدي، وقد كان يوسف بن وجيه صاحب عمان سار في المراكب إلى البصرة، وحارب ابن البريدي حتى أشرفوا على الهلاك. ثم احترقت مراكب عمان بحيلة دبّرها بعض الملّاحين ونهب منها مال عظيم. ورجع يوسف بن وجيه مهزوما في المحرّم سنة اثنتين وثلاثين، وهرب في هذه الفتنة أبو جعفر بن شيرزاد من تورون فاشتمل عليه، وكان تورون عند إصعاده من بغداد استخلف مكانه محمد بن ينال الترجمان. ثم تنكّر فارتاب محمد، وارتاب الوزير أبو الحسن بن مقلة بمكان ابن شيرزاد من تورون وخافا غائلته وخوّفا المتّقي كذلك، وأوهماه أنّ البريدي ضمنه من تورون بخمسمائة ألف دينار التي أخذها من تركة يحكم، وأنّ ابن شيرزاد جاء عن البريدي ليخلفه ويسلّمه، فانزعج لذلك وعزم على المسير إلى ابن حمدان، وكتبوا إليه أن ينفذ عسكرا يسير صحبته.
[مسير المتقي إلى الموصل]
ولما تمت سعاية ابن مقلة وابن ينال بتورون مع المتّقي اتّفق وصول ابن شيرزاد إلى بغداد أوّل اثنتين وثلاثين في ثلاثمائة فارس، وأقام بدست الأمر والنهي لا يعرج على