في عرض ومثل طبل القولنج الّذي يضربه ضاربه فيعافى بذلك من داء القولنج وكسروه لما وجدوا ذلك منه فلما ذكرت لهم منفعته ندموا عليه ووجدوا من الكتب النفيسة ما لا يعدّ ونقل أهل العاضد إلى بعض حجر القصر ووكل بهم وإخراج الإماء والعبيد وقسمهم بين البيع والهبة والعتق وكان العاضد لما اشتدّ مرضه استدعاه فلم يجب داعيه وظنها خديعة فلما توفي ندم وكان يصفه بالكرم ولين الجانب وغلبة الخير على طبعه والانقياد ولما وصل الخبر إلى بغداد بالخطبة للمستضيء ضربت البشائر وزينت بغداد أياما وبعثت الخلع لنور الدين وصلاح الدين مع صندل الخادم من خواص المقتفي فوصل إلى نور الدين وبعث بخلعة صلاح الدين وخلع الخطباء بمصر والأعلام السود والله تعالى أعلم.
[الوحشة بين صلاح الدين ونور الدين]
قد كان تقدّم لنا ذكر هذه الوحشة في أخبار نور الدين مستوفاة وأنّ صلاح الدين غزا بلاد الإفرنج سنة سبع وستين وحاصر حصن الشوبك على مرحلة من الكرك حتى استأمنوا إليه فبلغ ذلك نور الدين فاعتزم على قصد بلاد الإفرنج من ناحية أخرى فارتاب صلاح الدين في أمره وفي لقاء نور الدين وإظهار طاعته وما ينشأ عن ذلك من تحكمه فيه فأسرع العود إلى مصر واعتذر لنور الدين بشيء بلغه عن شيعة العلويين ليعتزله نور الدين وأخذ في الاستعداد لعزله وبلغ ذلك صلاح الدين وأصحابه فتفاوضوا في مدافعته ونهاهم أبوه نجم الدين أيوب وأشار بمكاتبته والتلطف له مخافة أن يبلغه غير ذلك فيقوى عزمه على العمل به ففعل ذلك صلاح الدين فسالمه نور الدين وعادت المخالطة بينهما كما كانت واتفقا على اجتماعهما لحصار الكرك فسار صلاح الدين لذلك سنة ثمان وستين وخرج نور الدين من دمشق بعد أن تجهز فلما انتهى إلى الرقيم على مرحلتين من الكرك وبلغ صلاح الدين خبره ارتاب به ثانيا وجاءه الخبر بمرض نجم الدين أبيه بمصر فكرّ راجعا وأرسل إلى نور الدين الفقيه عيسى الهكاري بما وقع من حديث المرض بأبيه وأنه رجع من أجله فأظهر نور الدين القبول وعاد إلى دمشق والله تعالى أعلم.
[وفاة نجم الدين أيوب]
كان نجم الدين أيوب بعد انصراف ابنه صلاح الدين إلى مصر أقام بدمشق عند نور الدين