على عظم ملك آبائك الّذين سلبوا الملك لأهل ذلك الهيكل فاتّهمه في النّصيحة وقال أخذته النّعرة للعجم والله لأصرعنّه وشرع في هدمه وجمع الأيدي عليه واتّخذ له الفؤوس وحماه بالنّار وصبّ عليه الخلّ حتّى إذا أدركه العجز بعد ذلك كلّه وخاف الفضيحة بعث إلى يحيى يستشيره ثانيا في التّجافي عن الهدم فقال لا تفعل واستمرّ على ذلك لئلّا يقال عجز أمير المؤمنين وملك العرب عن هدم مصنع من مصانع العجم فعرفها الرّشيد وأقصر عن هدمه وكذلك اتّفق للمأمون في هدم الأهرام الّتي بمصر وجمع الفعلة لهدمها فلم يحل بطائل وشرعوا في نقبه فانتهوا إلى جوّ بين الحائط والظّاهر وما بعده من الحيطان وهنالك كان منتهى هدمهم وهو إلى اليوم فيما يقال منفذ ظاهر ويزعم الزّاعمون أنّه وجد ركازا بين تلك الحيطان والله أعلم. وكذلك حنايا المعلّقة إلى هذا العهد تحتاج أهل مدينة تونس إلى انتخاب الحجارة لبنائهم وتستجيد الصّنّاع حجارة تلك الحنايا فيحاولون على هدمها الأيّام العديدة ولا يسقط الصّغير من جدرانها إلّا بعد عصب الرّيق وتجتمع له المحافل المشهورة شهدت منها في أيّام صباي كثيرا «وَالله خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ٣٧: ٩٦» .
[الفصل الخامس فيما تجب مراعاته في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن المراعاة]
اعلم أنّ المدن قرار يتّخذه الأمم عند حصول الغاية المطلوبة من التّرف ودواعيه فتؤثر الدّعة والسّكون وتتوجّه إلى اتّخاذ المنازل للقرار ولمّا كان ذلك القرار والمأوى وجب أن يراعى فيه دفع المضارّ بالحماية من طوارقها وجلب المنافع وتسهيل المرافق لها فأمّا الحماية من المضارّ فيراعى لها أن يدار على