للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن بني الرند ملوك قفصة الثائرين بها عند التياث ملك آل باديس بالقيروان واضطرابه بفتنة العرب ومبدإ دولتهم ومصاير أمورهم)]

لما تغلب العرب على إفريقية وانحلّ نظام الدولة الصنهاجيّة، وارتحل المعزّ من القيروان إلى المهدية، وكان بقفصة عاملا لصنهاجة عبد الله بن محمد بن الرند وأصله من جرية من بني صدغيان. وكان ابن نحيل [١] هو من بني مرين من مغراوة، وكان مسكنهم بالجوسين من نفزاوة فضبط قفصة وقطع عنها عادية الفساد، وصالح العرب على الإتاوة فصلحت السابلة واستقام الحال. ثم استبدّ بأمره وخلع الامتثال من عنقه سنة خمس وأربعين وخمسمائة واستمرّ على ذلك. وبايعته توزر وقفصة وسوس والحامة ونفزاوة وسائر أعمال قسنطينة فاستفحل أمره وعظم سلطانه، ووفد عليه الشعراء والقصّاد، وكان معظّما لأهل الدين إلى ان هلك سنه خمس وستين وخمسمائة.

وولي من بعده ابنه المعتز وكنيته أبو عمر، وانقاد إليه الناس فضبط الأمور وجبى الأموال واصطنع الرجال، وتغلّب على قموده وجبل هوّارة وسائر بلاد قسطيلية وما إليها. وحسنت سيرته إلى أن عمي. وهلك في حياته ابنه تميم فعهد لابنه يحيى بن تميم. وقام بالأمر واستبدّ على حدّه ولم يزالوا بخير حال إلى أن نازلهم عبد المؤمن سنة أربع وخمسين وخمسمائة. فمنعهم من الأمر، ونقلهم إلى بجاية فمات المعتز بها سنة سبع وخمسين وخمسمائة لمائة وأربع عشرة من عمره وقيل لسبعين، ومات بعده بيسير حافده يحيى بن تميم. وولّى عبد المؤمن على قفصة نعمان بن عبد الحق الهنتاتي.

ثم عزله بعد ثلاث بميمون بن أجانا الكنسيفي، ثم عزله بعمران بن موسى الصنهاجي، وأساء إلى الرعية، فبعثوا عن علي بن العزيز بن المعتز من بجاية. وكان بها في مضيعة يحترف بالخياطة فقدم عليهم، وثاروا بعمران بن موسى عامل الموحّدين فقتلوه وقدّموا علي بن العزيز فساس ملكه وحاط رعيته. وأغزاه يوسف بن عبد المؤمن سنة ثلاث وستين وخمسمائة أخاه السيد أبا زكريا فحاصره وضيّق عليه


[١] وفي النسخة الباريسية: مميل، وفي النسخة التونسية: نحيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>