الحسن منها، فأقسم ليقتلنّه إن عمل بذلك، فرفع عبد المهيمن أمره إلى السلطان ولاذ به، وألقى نفسه بين يديه، فرقّ لشكواه وأمره باعتزالهما معا والرجوع إلى خدمته. وأنزله بمعسكره وأقام على ذلك، واختصه منديل الكتاني كبير الدولة وزعيم الخاصة، وأنكحه ابنته، ولما نكب منديل جعل السلطان علامته لأبي القاسم بن أبي مدين، وكان غفلا خلوا من الآداب، فكان يرجع إلى عبد السلطان علامته لأبي القاسم بن أبي مدين، وكان غفلا خلوا من الآداب، فكان يرجع إلى عبد المهيمن في قراءة الكتب وإصلاحها، وإنشائها حتى عرف السلطان له ذلك، فاقتصر عليه وجعل وضع العلامة إليه سنة ثمان عشرة وسبعمائة فاضطلع بها ورسخت قدمه في مجلس السلطان، وارتفع صيته. واستمرّ على ذلك أيام السلطان وابنه أبي الحسن من بعده إلى أن هلك بتونس في الطاعون الجارف سنة تسع وأربعين وسبعمائة والله سبحانه وتعالى خير الوارثين.
[(الخبر عن صريخ أهل الأندلس ومهلك بطرة على غرناطة)]
كان الطاغية شانجة بن أدفونش قد تكالب على أهل الأندلس من بعد أبيه هراندة الهالك سنة اثنتين وثمانين وستمائة. ومنذ غلب على طريف شغل السلطان يوسف بن يعقوب بعده ببني يغمراسن، ثم تشاغل حفدته من بعده بأمرهم وتقاصرت مددهم، وهلك شانجة سنة ثلاث وسبعين [١] وولى ابنه هراندة ونازل الجزيرة الخضراء فرضة الجهاد لبني مرين حولا كاملا، ونازلت أساطيله جبل الفتح واشتدّ الحصار على المسلمين. وراسل هراندة بن أدفونش صاحب برشلونة أن يشغل أهل الأندلس من ورائهم، ويأخذ بحجزتهم، فنازل المريّة وحاصرها الحصار المشهور سنة تسع وسبعمائة ونصب عليها الآلات. وكان منها برج العود المشهور بطول الأسوار بمقدار ثلاث قامات، وتحيّل المسلمون على إحراقه فأحرق. وحفر العدوّ تحت الأرض مسربا مقدار ما يسير فيه عشرون راكبا. وتفطّن المسلمون واحتفر قبالتهم مثله إلى أن نفذ بعضهم