للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أخبار دبيس مع المسترشد]

قد ذكرنا مسير العساكر إلى دبيس مع برسق الكركوي [١] سنة أربع عشرة وكيف وقع الاتفاق وبعث دبيس أخاه منصورا رهينة فجاء برتقش به بغداد سنة ست عشرة، ولم يرض المسترشد ذلك، وكتب إلى السلطان محمود بأنّ دبيس لا يصلحه شيء لأنه مطالب بثأر أبيه، وأشار بأن يبعث عن البرسقي من الموصل لتشديد دبيس ويكون شحنة ببغداد فبعث اليه السلطان وأنزله شحنة ببغداد، وأمره بقتال دبيس، فأقام عشرين شهرا ودبيس معمل في الخلافة. ثم أمره المسترشد بالمسير إليه وإخراجه من الحلّة، فاستقدم البرسقي عساكره من الموصل، وسار إلى الحلّة، ولقيه دبيس فهزم عساكره ورجع إلى بغداد في ربيع من سنة ست عشرة، وكان معه في العسكر مضر [٢] بن النفيس بن مهذّب الدولة أحمد بن أبي الخير عامل البطيحة، فغدا عليه عمّه المظفّر بن عماد بن أبي الخير فقتله في انهزامهم. وسار إلى البطيحة فتغلّب عليها، وكاتب دبيس في الطاعة، وأرسل دبيس إلى المسترشد بطاعته، وأن يبعث عمّاله لقرى الخاص يقبضون دخلها على أن يقبض المسترشد على وزيره جلال الدين أبي عليّ بن صدقة فتمّ بينهما ذلك، وقبض المسترشد على وزيره، وهرب ابن أخيه جلال الدين أبو الرضى إلى الموصل، وبلغ الخبر بالهزيمة إلى السلطان محمود فقبض على منصور أخي دبيس وحبسه، وأذن دبيس لأصحاب الإقطاع بواسط في المسير إلى إقطاعهم، فمنعهم الأتراك بها، فجهّز إليهم عسكرا مع مهلهل بن أبي العسكر وامر مظفر بن أبي الخير عامل البطيحة بمساعدته وبعث البرسقي المدد إلى أهل واسط فلقيهم مهلهل بن أبي المظفّر فهزموه وأسروه وجماعة من عسكره واستلحموا كثيرا منهم. وجاء المظفّر أبو الخير على أثره، وأكثر النهب والعيث، وبلغه خبر الهزيمة فرجع وبعث أهل واسط بتذكرة وجدوها مع مهلهل بخطّ دبيس فأمره بالقبض على المظفّر فمال إليهم وانحرف عن دبيس، ثم بلغ دبيس أنّ السلطان محمودا سمل أخاه منصورا، فانتقض ونهب ما كان للخليفة بأعماله، وسار أهل واسط الى


[١] يرنقش الزكوي: ابن الأثير ج ١٠ ص ٥٩٨.
[٢] نصر بن النفيس: ابن الأثير ج ١٠ ص ٥٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>