للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتصل ابنه محمد هذا بخدمة ابن الحاجب واختصّ بكاتبه إلى أن استعمله على جربة عند استيلائه عليها هذه السنة، وانكفأ راجعا إلى الحضرة فلم يزل محمد بن أبي العيون واليا عليها. ثم استبدّ بها على السلطان بعد مهلك الحاجب وقرار يده [١] على السلطان إلى أن غلبه عليها السلطان أبو العبّاس سنة أربع وسبعين وسبعمائة كما نذكره إن شاء الله.

[(الخبر عن دعوة الأمراء من المغرب واستيلاء السلطان أبي العباس على قسنطينة)]

لما هلك السلطان أبو عنّان قام بأمره من بعده وزيره الحسن بن عمر، ونصب ابنه محمد السعيد للأمر كما نذكره في أخباره. وكان يضطغن للأمير أبي عبد الله صاحب بجاية فقبض عليه لأول أمره واعتقله حذرا من وثوبه على عمله فيما زعموا. وكان السلطان أبو العبّاس بسبتة منذ أنزله السلطان أبو عنّان بها، ورتّب عليه الحرس كما ذكرنا فلما انتزى على الملك المنصور بن سليمان من أعياص ملكهم، ونازل البلد الجديد دار الملك ودخل في طاعته سائر الممالك والأعمال بعث في السلطان أبي العبّاس واستدعاه من سبتة فنهض إليه. وانتهى في طريقه إلى طنجة ووافق في ذلك إجازة السلطان أبي سالم من الأندلس لطلب ملكه. وكان أوّل ما استولى عليه من أعمال المغرب طنجة وسبتة فاتصل به السلطان أبو العبّاس وظاهره على أمره إلى أن نزع إليه قبيلة بني مرين عن منصور بن سليمان المنتزي على ملكهم فاستوسق أمره واستثبت سلطانه به ودخل فاس وسرّح الأمير أبا عبد الله من اعتقال الحسن بن عمر كما قدّمناه. ورعى للسلطان أبي العبّاس ذمّة سوابقه القديمة والحادثة فرفع مجلسه وأسنى جرايته، ووعده بالمظاهرة على أمره، واستقروا جميعا إلى إيالته إلى أن كان من تغلّب السلطان أبي سالم على تلمسان والمغرب الأوسط ما نذكره في أخبارهم.

واتصل به ثورة أهل بجاية بعاملهم يحيى بن ميمون ورجالات قبيلهم، فامتعض لذلك وحين قفل إلى المغرب نفض يده من الأعمال الشرقية ونزل للسلطان أبي


[١] وفي نسخة ثانية: وفرار ابنه من السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>