ودفعهم الى الجهاد على عادته وأوصاهم، فلقوا عدوا من الأكراد المشركين فدعوهم إلى الإسلام أو الجزية، فأبوا وقاتلوهم وهزموهم وقتلوا وسبوا وقسّموا الغنائم، ورأى سلمة جوهرا في سفط فاسترضى المسلمين وبعث به إلى عمر فسأل الرسول عن أمور الناس حتى أخبره بالسفط فغضب وأمر به فوجئ في عنقه، وقال: أسرع قبل أن تفترق الناس ليقسّمه سلمة فيه فباعه سلمة وقسمه في الناس وكان الفص يباع بخمسة دراهم وقيمته عشرون ألفا.
[مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه]
كان للمغيرة بن شعبة مولى من نصارى العجم اسمه أبو لؤلؤة وكان يشدد عليه في الخراج، فلقي يوما عمر في السوق فشكى إليه وقال: أعدني على المغيرة فإنه يثقل عليّ في الخراج درهمين في كل يوم، قال: وما صناعتك؟ قال نجّار حدّاد نقاش، فقال: ليس ذلك كثير على هذه الصنائع وقد بلغني انك تقول أصنع رحى تطحن بالريح فاصنع لي رحى. قال: أصنع لك رحى يتحدّث الناس بها أهل المشرق والمغرب، وانصرف، فقال عمر: توعدني العلج. فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة واستوت الصفوف ودخل أبو لؤلؤة في الناس وبيده خنجر برأسين نصابه في وسطه، فضرب عمر ست ضربات إحداها تحت سرّته، وقتل كليبا بن أبي البكير الليثي، وسقط عمر فاستخلف عبد الرحمن بن عوف في الصلاة واحتمل الى بيته.
ثم دعا عبد الرحمن وقال: أريد أن أعهد إليك، قال: أتشير عليّ بها قال: لا.
قال: والله لا أفعل. قال: فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. ثم دعا عليا وعثمان والزبير وسعدا وعبد الرحمن معهم، وقال انتظروا طلحة ثلاثا فإن جاء وإلّا فاقضوا أمركم، وناشد الله من يفضي إليه الأمر منهم أن يحمل أقاربه على رقاب الناس، وأوصاهم بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان أن يحسن إلى محسنهم وبعفو [١] عن مسيئهم، وأوصى بالعرب فإنّهم مادّة الإسلام أن تؤخذ صدقاتهم في فقرائهم، وأوصى بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم، ثم قال: اللَّهمّ قد بلغت لقد تركت الخليفة من بعدي