«تماغس بعد أن يسواد وغداس نوفنا غادس»[١] ويذكر حاجته فإنّه يرى الكشف عمّا يسأل عنه في النّوم. وحكي إنّ رجلا فعل ذلك بعد رياضة ليال في مأكله وذكره فتمثّل له شخص يقول له أنا طبّاعك التّامّ فسأله وأخبره عمّا كان يتشوّف إليه وقد وقع لي أنا بهذه الأسماء مراء عجيبة واطّلعت بها على أمور كنت أتشوّف عليها من أحوالي وليس ذلك بدليل على أنّ القصد للرّؤيا يحدثها وإنّما هذه الحالومات تحدث استعدادا في النّفس لوقوع الرّؤيا فإذا قوي الاستعداد كان أقرب إلى حصول ما يستعدّ له وللشّخص أن يفعل من الاستعداد ما أحبّ ولا يكون دليلا على إيقاع المستعدّ له فالقدرة على الاستعداد غير القدرة على الشّيء فاعلم ذلك وتدبّره فيما تجد من أمثاله والله الحكيم الخبير.
[فصل:]
ثمّ إنّا نجد في النّوع الإنسانيّ أشخاصا يخبرون بالكائنات قبل وقوعها بطبيعة فيهم يتميّز بها صنفهم عن سائر النّاس ولا يرجعون في ذلك إلى صناعة ولا يستدلّون عليه بأثر من النّجوم ولا من غيرها إنّما نجد مداركهم في ذلك بمقتضى فطرتهم الّتي فطروا عليها وذلك مثل العرّافين والنّاظرين في الأجسام الشّفافة كالمرايا وطساس الماء والنّاظرين في قلوب الحيوانات وأكبادها وعظامها وأهل الزّجر في الطّير والسّباع وأهل الطّرق بالحصى والحبوب من الحنطة والنّوى وهذه كلّها موجودة في عالم الإنسان لا يسع أحدا جحدها ولا إنكارها وكذلك المجانين يلقى على ألسنتهم كلمات من الغيب فيخبرون بها وكذلك النّائم والميت لأوّل موته أو نومه يتكلّم بالغيب وكذلك أهل الرّياضيّات من المتصوّفة لهم مدارك في الغيب على سبيل الكرامة معروفة. ونحن الآن نتكلّم عن هذه الإدراكات كلّها ونبتدئ منها بالكهانة ثمّ نأتي عليها واحدة واحدة إلى آخرها ونقدّم على ذلك مقدّمة في أنّ النّفس الإنسانيّة كيف تستعدّ لإدراك الغيب في جميع الأصناف الّتي ذكرناها وذلك أنّها ذات روحانيّة موجودة بالقوّة إلى الفعل
[١] ليس لهذه الكلمات أي معنى في اللغات التي نعرفها وربما تكون لأسماء بعض الجن.