للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى حرسه أخوه عيسى، وعلى رسائله صاحب القتلى. وكان يدعى له على المنابر ولابنه الآخر عبد الله ولقبه القائم بالحق، وأرسل إلى الكعبة من جاء بكتابي العهد للأمين والمأمون اللذين وضعهما الرشيد هنالك، وسارت الكتب من ذلك إلى المأمون ببغداد من عيونه بها، فقال المأمون: هذه أمور أخبر الرائي عنها وكفاني أنا أن أكون مع الحق وبعث الفضل بن سهل إلى جند الريّ بالأقوات والإحسان، وجمع إليهم من كان بأطرافهم. ثم بعث على الريّ طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق أسعد الخزاعيّ أبا العباس أميرا وضمّ إليه القوّاد والأجناد فنزلها ووضع المسالح والمراصد، وبعث الأمين عصمة بن حمّاد بن سالم إلى همذان في ألف رجل، وأمره أن يقيم بهمذان ويبعث مقدمته إلى ساوة.

[خروج ابن ماهان لحرب طاهر ومقتله]

ثم جهّز الأمين علي بن ماهان إلى خراسان لحرب المأمون، يقال دسّ بذلك الفضل ابن سهل العين له عند الفضل بن الربيع، فأشار به عليهم لما في نفوس أهل خراسان من النفرة عن ابن ماهان فجدّوا في حربه. ويقال حرّض أهل خراسان على الكتب إلى ابن ماهان ومخادعته إن جاء. فأمره الأمين بالمسير وأقطعه نهاوند وهمذان وقم وأصبهان وسائر كور الجبل حربا وخراجا، وحكّمه في الخزائن وأعطاه الأموال وجهّز معه خمسين ألف فارس. وكتب إلى أبي دلف القاسم بن عيسى بن إدريس العجليّ وهلال بن عبد الله الحضرميّ في الانضمام، وركب إلى باب زبيدة ليودّعها فأوصته بالمأمون بغاية ما يكون أن يوصى به، وأنه بمنزلة ابنها في الشفقة والموصلة وناولته قيدا من فضة وقالت له: إن سار إليك فقيّده به مع المبالغة في البرّ والأدب معه. ثم سار عليّ بن عيسى من بغداد في شعبان وركب الأمين يشيعه في القوّاد والجنود ولم ير عسكر مثل عسكره. ولقي السفر بالسابلة فأخبروه أنّ طاهرا بالريّ يعرض أصحابه، وهو مستعدّ للقتال. وكتب إلى ملوك الديلم وطبرستان يعدهم ويمنّيهم، وأهدى لهم التيجان والأسورة على أن يقطعوا الطرق عن خراسان فأجابوا، ونزل أوّل بلاد الريّ فأشار عليه أصحابه باذكاء العيون والطلائع، والتحصن بالخندق فقال: مثل طاهر لا يستعدّ له، وهو إمّا أن يتحصن بالريّ فيثب إليه أهلها، وإمّا أن يفرّ إذا قربت منه خيلنا. ولما كان من الريّ على عشرة فراسخ استشار أصحاب طاهر في لقائه فمالوا إلى التحصّن بالريّ فقال: أخاف أن يثب بنا أهلها. وخرج فعسكر على خمسة فراسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>