حصين. وولّى ابنه يوسف ابن الزابية على تدلس وما إليها من آخر أعماله. واستقرّ أمرهم على ذلك. ثم كان من انتقاض سالم الثعلبي بالجزائر ما قدّمناه، فنمي إلى السلطان أنّ ابنه أبا زيّان داخله في الخلاف، فلمّا فرغ من أمر سالم كما مرّ وطرد أبا زيان ابن عمه عن أعماله إلى الجريد، أعمل نظره في نقل ابنه أبي زيان من المرية إلى ولاية وهران وأعمالها بعدا له عن العرب المجلبين في الفتن، وأنزل معه بعض وزرائه عينا عليه، وأقام واليا عليها والله أعلم.
[(وثبة أبي تاشفين بيحيى بن خلدون كاتب أبيه)]
كان أوّل شيء حدث من منافسة أبي تاشفين لإخوته، أن السلطان لمّا ولّى ابنه أبا زيّان على وهران وأعمالها طلبه أبو تاشفين في ولايتها لنفسه فأسعفه ظاهرا، وعهد إلى كاتبه يحيى بن خلدون بمماطلته في كتابها حتى يرى المخلص من ذلك، فأقام الكاتب يطاوله. وكان في الدولة لئيم من سفلة الشرط يدعى بموسى بن يخلف، صحبهم أيام الاغتراب بتيكورارين أيام ملك تلمسان عليهم السلطان عبد العزيز بن السلطان أبي الحسن كما مرّ. وخلاله وجه السلطان أبي حمو وابنه، فتقرّب إليه بخدمته ورعاها له. فلما رجع السلطان إلى تلمسان بعد مهلك عبد العزيز قدّمه وآثره واستخلصه، فكان من أخلص بطانته. وكان أبو تاشفين أيضا استخلصه وجعله عينا على أبيه.
وكان هو أيضا يغص بابن خلدون كاتب السلطان، ويغار من تقدّمه عنده ويغري به أبا تاشفين جهده، فدسّ إليه أثناء هذه المطاولة أنّ الكاتب ابن خلدون إنما مطله بالكتاب خدمة لأبي زيّان أخيه وإيثارا له عليه، فاستشاط له أبو تاشفين، وترصّد له منصرفه من القصر إلى بيته بعد التراويح في احدى ليالي رمضان سنة ثمانين وسبعمائة في رهط من الأوغاد، كان يطوف بهم في سكك المدينة، ويطرق معهم بيوت أهل السرّ والحشمة في سبيل الفساد، فعرضوا له وطعنوه بالخناجر حتى سقط عن دابته ميتا. وغدا الخبر على السلطان صبيحة تلك الليلة فقام في ركائبه وبثّ الطلب عن أولئك الرهط في جوانب المدينة. ثم بلغه أنّ ابنه أبا تاشفين صاحب الفعلة، فأغضى وطوى عليها جوانحه، وأقطع أبا تاشفين مدينة وهران كما وعده. وبعث ابنه أبا زيّان