للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العساكر والحروب، وضمّت إليه الربّانيين، وأخذت الرهن من جميع الأمم وسألها الربّانيون في الأخذ بثأرهم من القرّاءين خلقا كثيرا. وجاء القراءون إلى ابنها الكهنون ينكرون ذلك وأنّه إذا فعل بهم ذلك، وقد كانوا شيعا لأبيه الإسكندر، فقد تحدث النفرة من سائر الناس. وسألوه أن يلتمس لهم اذنها في الخروج عن القدس والبعد عن الربانيين، فأذنت لهم رغبة في انقطاع الفتنة، وخرج معهم وجوه العسكر. ثم ماتت خلال ذلك لتسع سنين من دولتها، ويقال إنّ ظهور عيسى صلوات الله عليه كان في أيامها. وكان ابنها أرستبلوس قائد العسكر لما شعر بموتها خرج إلى القراءين يستدعيهم إلى نصرته فأجازوه، وتقبضت هي على ابنيه وامرأته، واجتمعت عليه العساكر من النواحي وضرب البوق وزحف لحرب أخيه هرقانوس والربانيين، وحاصرهم أرستبلوس ببيت المقدس، وعزم على هدم الحصن فخرج إليه أعيان اليهود والكهنونية ساعين في الصلح بينهما، وأجاب على أن يكون ملكا ويبقى هرقانوس على الكهنونيّة، فتم ذلك واستقر عليه أمره.

[ابتداء أمر انظفتر [١] أبو هيردوس]

ثم سعى في الفتنة بينهما انظفتر أبو هيردوس، وكان من عظماء بني إسرائيل من الذين جمعوا مع العزير من بابل، وكان ذا شجاعة وبأس، وله يسار وقنية من الضياع والمواشي. وكان الإسكندر قد ولّاه على بلاد أروم [٢] وهي جبال الشراة، فأقام في ولايتها سنين، وكثر ماله وأنكحوه منهم، فكان له منها أربعة من الأبناء وهم فسيلو وهيردوس وفرودا ويوسف، وبنت اسمها سلومث. وقيل أنّ أنظفتر لم يكن من بني إسرائيل، وإنّما كان من أروم وربي في جملة بني خشمناي وبيوتهم. فلما مات الإسكندر وملكت زوجته الاسكندرة عزلته عن جبال الشراة، فأقام بالقدس. حتى إذا استبد بالأمر أرستبلوس، وكان بين هرقانوس وأنظفتر مودّة وصحبة، فغصّ أرستبلوس بمكانه من أخيه لما يعلم من مكر أنظفتر وهمّ بقتله، فانفض عنه وأخذ في التدبير على أرستبلوس. وفشا في الناس تبغضه إليهم وينكر تغلبه، ويذكر لهم أن هرقانوس أحق بالملك منه، ثم حذر هرقانوس من أخيه وخيّل إليه أنه يريد قتله،


[١] وهو معروف في التاريخ باسم انتيباتر.
[٢] وفي نسخة ثانية أدوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>