منامه أنه يبول فخرج من ذكره نار عظيمة فاستضاءت الدنيا بها، فاستطالت وارتفعت الى السماء. ثم افترقت ثلاث شعب ومن كل شعب عدّة شعب فاستضاءت الدنيا بها والناس خاضعون لتلك النيران. وان عابرا عبّر له الرؤيا بأنه يكون له ثلاثة أولاد يملكون الأرض، ويعلو ذكرهم في الآفاق كما علت النار، ويولد لهم ملوك بقدر الشعب. وأنّ أبا شجاع استبعد ذلك واستنكره لما كانوا عليه من توسّط الحال في المعيشة، فرجع المعبر إلى السؤال عن وقت مواليدهم فأخبروه بها، وكان منّجما فعدل طوالعهم وقضى لهم جميعا بالملك فوعدوه وانصرف. ولما خرج قوّاد الديلم لملك البلاد وانتشروا في الأعمال مثل ليلى وما كان وأسفار ومرداويج خرج مع كل واحد منهم جموع من الديلم رءوس وأتباع، وخرج بنو أبي شجاع هؤلاء في جملة قوّاد ما كان، فلمّا اضطرب أمره وغلبه مرداويج عن طبرستان وجرجان مرّة بعد مرّة لحق آخرا بنيسابور مهزوما فاعتزم بنو بويه على فراقه واستأذنوه في ذلك، وقالوا إنما نفارقك تخفيفا عليك فإذا صلح أمرك عدنا إليك. وساروا إلى مرداويج، وتبعتهم جماعة من قوّاد ما كان فقبلهم مرداويج. وقلّد كل واحد منهم ناحية من نواحي الجبل. وقلّد علي بن بويه كرمس وكتب لهم العهود بذلك. وساروا إلى الريّ وبها يومئذ أخوه وشمكير ومعه وزيره الحسين بن محمد العميد والد أبي الفضل. ثم بدا لمرداويج في ولاية هؤلاء القوّاد المستأمنة فكتب إلى أخيه وشمكير ووزيره العميد بردّهم عن تلك الأعمال. وكان عليّ بن بويه قد أسلف عند العميد يدا في بغلة فارهة عرضها للبيع، واستامها العميد فوهبها له فرعى له العميد هذه الوسيلة. فلمّا قرأ كتاب مرداويج دسّ إلى ابن بويه بأن يغذّ السير إلى عمله فسار من حينه. وغدا وشمكير على بقيّة القوّاد، فاستعاد العهود من أيديهم، وأمر ابن بويه فأشار عليه أصحابه بترك ذلك لما فيه من الفتنة فتركه.
[(ولاية عماد الدولة بن بويه على كرج وأصفهان)]
ولما وصل عماد الدولة إلى كرج ضبط أمورها وأحسن السياسة في أهلها وأعمالها، وقتل جماعة من الخرّمية كانوا فيها وفتح قلاعهم، وأصاب فيها ذخائر كثيرة فأنفقها في