ووصيف وضاق حال الأتراك والفراغنة ودسّهم عليهم بغا ووصيف فخرج منهم أهل الكرخ والدور وقصدوه في الجوسق مع المستعين وأراد الهرب فلم يطق، واستجار بالمستعين فلم يجره وحاصروه يومين، ثم افتتحوا عليه الجوسق وقتلوه وكاتبه شجاع بن القاسم ونهبت أموالهم واستوزر المستعين مكانه أبا صالح عبد الله بن محمد بن علي على الأهواز ولبغا الصغير على فلسطين. ثم غضب بغا الصغير على أبي صالح فهرب إلى بغداد واستوزر المستعين مكانه محمد بن الفضل الجرجاني وولّى على ديوان الرسائل سعيد بن حميد.
[ظهور يحيى بن عمر ومقتله]
كان على الطالبيين بالكوفة يحيى بن عمر بن يحيى بن زيد الشهيد ويكنى أبا الحسين وأمّه من ولد عبد الله بن جعفر وكان من سراتهم ووجوههم وكان عمر بن فرج يتولّى أمر الطالبيّين أيام المتوكل، فعرض له أبو الحسين عند مقدمه من خراسان يسأله صلة لدين لزمه فأغلظ له عمر القول وحبسه حتى أخذ عليه الكفلاء وانطلق إلى بغداد. ثم جاء إلى سامرّا وقد أملق فتعرّض لوصيف في رزق يجرى له، فأساءه عليه وإليها فرجع إلى الكوفة وعاملها يومئذ أيوب بن الحسين بن موسى بن جعفر بن سليمان بن علي من قبل محمد بن عبد الله بن طاهر، فاعتزم على الخروج والتفّ عليه جمع من الأعراب وأهل الكوفة، ودعا للرضى من آل محمد ففتق السجون ونهبه وطرد العمّال، وأخذ من بيت المال ألفي دينار وسبعين ألف درهم، وكان صاحب البريد قد طيّر بخبره إلى محمد بن عبد الله بن طاهر فكتب إلى عامله بالسواد عبد الله بن محمود السرخسيّ أن يصير مددا إلى الكوفة فلقيه وقاتله فهزمهم يحيى وانتهب ما معهم، وخرج إلى سواد الكوفة واتبعه خلق من الزيدية، وانتهى إلى ناحية واسط وكثرت جموعه. وسرّح محمد بن عبد الله بن طاهر إلى محاربة الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب في العساكر فسار إليه. وقد كان يحيى قصد الكوفة فلقيه عبد الرحمن بن الخطّاب المعروف بوجه الفلس فهزمه يحيى إلى ناحية شاهي ودخل الكوفة واجتمعت عليه الزيدية، واشتمل عليه عامة أهل الكوفة وأمداد الزيدية من بغداد، وجاء الحسين بن إسماعيل وانضمّ إليه عبد الرحمن بن الخطّاب وخرج يحيى من الكوفة ليعاجلهم الحرب فأسرى ليلته وصبح العساكر فساروا إليه فهزموه ووضعوا السيف في أصحابه، وأسروا الكثير من اتباعه، كان منهم الهيصم العجليّ