للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مقتل الظافر وأخويه وولاية ابنه الفائز)]

ولما وزر عبّاس للظافر، وقام بالدولة، كان ولده نصير من ندمان الظافر، وكان يهواه كما تقدّم. وكان أسامة بن منقذ من خلصاء عبّاس وأصدقائه فقبّح عليه سوء المقالة في ابنه، وأشار عليه بقتل الظافر فاستدعى ابنه نصيرا وقبّح عليه في شناعة الأحدوثة فيه بين الناس، وأغراه باغتيال الظافر ليمحو عنه ما يتحدّث به الناس، فسأل نصير من الظافر أن يأتي إلى بيته في دعوة فركب من القصر إليه فقتله نصير ومن جاء معه، ودفنهم في داره، وذلك في محرّم سنة تسع وأربعين وباكر إلى القصر ولم ير الظافر، وسأل خدّام القصر فأحسن العذر ورجع إلى أخوي الظافر يوسف وجبريل فخبّرهما بركوب الظافر إلى دار نصير فقالا له: خبّر الوزير. فلما جاء عبّاس من الغد أخبره بأنه ركب إلى بيت نصير ابنه ولم يعد فاستشاط غيظا عليه، ورماه بأنه داخل أخويه في قتله. ثم استدعاهما فقتلهما وقتل معهما ابنا لك لحسن بن الحافظ. ثم أخرج ابنه أبا القاسم عيسى ابن خمس سنين وحمله على كتفه وأجلسه على سرير الملك وبايع له بالخلافة، ولقّبه الفائز باللَّه ونقل عبّاس بسبب ذلك ما في القصر من الأموال والذخائر ما لا حدّ له. وعند خروجه بأخويه رأى القتلى فاضطرب وفزع وبقي سائر أيامه يعتاده الصرع.

[(وزارة الصالح بن رزيك)]

ولما قتل الظافر وأخواه كما ذكرناه كتب النساء من القصر إلى طلائع بن رزّيك [١] وكان واليا على الأشمونين والبهنّسة. وجاء الخبر بأنّ الناس اختلفوا على عبّاس بسبب ذلك، فجمع وقصد القاهرة ولبس السواد حزنا ورفع على الرماح الشعور التي بعث بها النساء حزنا. ولمّا عبر البحر خرج عبّاس وولده ودفعوا ما قدروا عليه من مال وسلاح من حاصل الدولة، ومعهما صديقهما أسامة بن منقذ فاعترضهم الفرنج،


[١] رزّيك بضم الراء وتشديد الزاي المكسورة وسكون المثناة التحتية بعدها كاف. قاله ابن خلكان. انتهى.
ابن خلدون م ٧ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>