أصحاب السعيد فسخطه وحبسه ثم أطلقه بشفاعة البلغميّ. وبعث مع صاحب خراسان محمد بن المظفّر إلى جرجان حتى إذا خرج أخوه السعيد من محبسهم، وبايعوا ليحيى منهم، كان محمد بن الياس معهم حتى تلاشى أمرهم، ففارقه ابن الياس من نيسابور إلى كرمان فاستولى عليها إلى هذه الغاية فأزاله عنها ماكان ولحق بالدّينور وأقام ماكان واليا بكرمان بدعوة بني سامان.
[(مقتل مرداويج وملك أخيه وشمكير من بعده)]
لما استفحل أمر مرداويج كما قلنا عتا وتجبّر وتتوج بتاج مرصّع على هيئة تاج كسرى، وجلس على كرسي الذهب وأجلس أكابر قوّاده على كراسي الفضّة، واعتزم على قصد العراق، وبنى المدائن وقصور كسرى وأن يدعى بشاه. وكان له جند من الأتراك، كان كثير الإساءة إليهم، ويسمّيهم الشياطين والمردة فثقلت وطأته على الناس، وخرج ليلة الميلاد من سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، إلى جبال أصفهان وكانوا يسمونها ليلة الوقود لما يضرم فيها من النيران. فأمر بجمع الحطب على الجبل من أوّله إلى آخره أمثال الجبال والتلال، وجمع ألفي طائر من الغربان والحدءات، وجعل النفط في أرجلها ليضرم الجبل نارا حتى يضيء الليل. واستكثر من أمثال هذا اللعب، ثم عمل سماطا للأكل بين يديه فيه مائة فرس ومائتا بقرة وثلاثة آلاف كبش وعشرة آلاف من الدجاج وأنواع الطير، وما لا يحصى من أنواع الحلوى، وهيّأ ذلك كله ليأكل الناس، ثم يقوموا إلى مجلس الشرب والندمان فتشعل النيران. ثم ركب آخر النهار ليطوف على ذلك كلّه بنفسه، فاحتقره وسخط من تولّى ترتيبه، ودخل خيمته مغضبا ونام، فأرجف القوّاد بموته فدخل إليه وزيره العميد وأيقظه، وعرّفه بما الناس فيه، فخرج وجلس على السماط وتناول لقمتين ثم ذهب، وعاد إلى مكانه، فقام في معسكره بظاهر أصفهان ثلاثا لا يظهر للناس. ثم قام في اليوم الرابع ليعود إلى قصره بأصفهان فاجتمعت العساكر ببابه، وكثر صهيل الخيل ومراحها فاستيقظ لكثرة الضجيج، فازداد غضبه وسأل عن أصحاب الدواب، فقيل إنها للأتراك نزلوا للخدمة وتركوها بين يدي الغلمان، فأمر أن تحل عنها