للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأثخنوا فيها ودخلوا جبل ابن ثابت، واستولوا عليه واستباحوه سنة ثلاث عشرة وسبعمائة ونالت منهم الحامية في المدافعة بالقتل والجراحات أعظم النيل، وقفلوا راجعين فشيّدوا حصنا بأصفون وشحنوه بالأقوات. ولما وصل محمد بن يوسف ومسامح وبّخهما وطوفهما ذنب القصور والعجز وعزلهما. وبعث السلطان عسكرا في البر وأسطولا في البحر بعد رجوعه من قسنطينة سنة أربع عشرة وسبعمائة لهدم حصن بني عبد الواد بأصفون، فخرّب وانتهبت أقواته وعدده، وسرّح أبو حمو عسكرا آخر لحصار بجاية عقد عليه لمسعود ابن عمّه ابن أبي عامر بن إبراهيم بن يغمراسن، فنازلوها سنة خمس عشرة وسبعمائة واتصل بهم خروج محمد بن يوسف بن يغمراسن بني توجين معه على أبي حموّ، وأنهم أوقعوا به وهزموه، واستولوا على معسكره، فأجفل مسعود بن أبي عامر وعسكره وأفرجوا عن بجاية. ووصل على أثرها خطاب محمد بن يوسف بالطاعة والانحياش فبعث السلطان إليه صنيعته محمد ابن الحاج فضل بالهدية والآلة، ووعده بالمظاهر وتسويغ السهام التي كانت ليغمراسن بإفريقية. وشغل ابن عبد الواد عن بجاية، وخرج السلطان في عساكره للإشراف على وطنه إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن استبداد ابن غمر ببجاية)]

لم يزل ابن غمر مستبدّا على السلطان في حجابته يرى أنّ زمامه بيده وأمره متوقف على إنفاذه. وصار يغريه ببطانته فيقتلهم ويغرّمهم [١] ، وربما كان السلطان يأنف من استبداده عليه. وداخله بعض أهل قسنطينة سنة ثلاث عشرة وتسعمائة في اغتياله ابن غمر فهمّوا بذلك، ولم يتم ففطن لها ابن غمر فأوقع بهم وقسّمهم بين النكال والعذاب فرقا. ثم رجع السلطان إلى بجاية سنة ثلاث عشرة وسبعمائة لما أهمهم من حصاره، واتصلت حاله معه على ذلك النحو من الاستبداد إلى أن بلغ السلطان أشدّه وأرهف حدّه وسطا محمد بن فضل فقتلهم في خلوة معاقرته من غير مؤامرة


[١] وفي نسخة أخرى: يغرّبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>