للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزو الكرك وولاية العادل على حلب]

ولما عاد صلاح الدين من غزوة بيسان تجهز لغزو الكرك وسار في العساكر واستدعى أخاه العادل أبا بكر بن أيوب من مصر وهو نائبها ليلحق به على الكرك وكان قد سأله في ولاية حلب وقلعتها فأجابه الى ذلك وأمره أن يجيء بأهله وماله فوافاه على الكرك وحاصروه أياما وملكوا أرباضه ونصبوا عليها المجانيق ولم يكن بالغ في الاستعداد لحصاره لظنه أنّ الافرنج يدافعون عنه فأفرج عنه منتصف شعبان وبعث تقيّ الدين ابن أخيه شاه على نيابة مصر مكان أخيه العادل واستصحب العادل منعه الى دمشق فولاه مدينة حلب ومدينة منبج وما اليها وبعثه بذلك في شهر رمضان من السنة واستدعى ولده الظاهر غازي من حلب الى دمشق ثم سار في ربيع الآخر من سنة ثمانين لحصار الكرك بعد ان جمع العساكر واستدعى نور الدين صاحب كيفا وعساكر مصر واستعد لحصاره ونصب المجانيق على ربضه فملكه المسلمون وبقي الحصن وراء خندق بينه وبين الربض عمقه ستون ذراعا وراموا طمه فنضحوهم بالسهام ورموهم بالحجارة فأمر برفع السقف ليمشي المقاتلة تحتها الى الخندق وأرسل أهل الحصن الى ملكهم يستمدّونه ويخبرونه بما نزل بهم فاجتمع الافرنج وأوعبوا وساروا اليهم فرحل صلاح الدين للقائهم حتى انتهى الى حزونة الأرض فأقام ينتظر خروجهم الى البسيط فخاموا عن ذلك فتأخر عنهم فراسخ ومرّوا الى الكرك وعلم صلاح الدين أنّ الكرك قد امتنع بهؤلاء فتركه وسار الى نابلس فخربها وحرقها وسار الى سنطية [١] وبها مشهد زكريا عليه السلام فاستنقذ من وجد بها من أسارى المسلمين ورحل الى جينين [٢] فنهبها وخربها وسار الى دمشق بعد ان بث السرايا في كل ناحية ونهب كل ما مرّ به وامتلأت الايدي من الغنائم وعاد الى دمشق مظفرا والله تعالى أعلم.

[حصار صلاح الدين الموصل]

ثم سار صلاح الدين من دمشق الى الجزيرة في ذي القعدة من سنة ثمان وعبر الفرات وكان مظفر الدين كوكبري على كجك يستحثه للمسير الى الموصل في كل وقت وربما وعده


[١] وهي سبسطية
[٢] وهي جنين

<<  <  ج: ص:  >  >>