ولما استفحل أمر الصالح وعظم استبداده بجباية الأموال والتصرّف، وحجر العاضد تنكر له الحرم ودس إلى الأمراء بقتله. وتولّت كبر ذلك عمّة العاضد الصغرى التي كانت كافلة الفائز بعد أختها. واجتمع قوم من القواد والسودان منهم الريفي الخادم وابن الداعي والأمير بن قوّام الدولة، وكان صاحب الباب وتواطئوا على قتله، ووقفوا في دهليز القصر، وأخرج ابن قوّام الدولة الناس أمامه وهو خارج من القصر، واستوقفه عنبر الريفي يحادثه، وتقدّم ابنه رزّيك فوثب عليه جماعة منهم وجرحوه، وضرب ابن الداعي الصالح فأثبته، وحمل إلى داره فبقي يجود بنفسه يومه ذلك.
وإذا أفاق يقول رحمك الله يا عبّاس ومات من الغد. وبعث إلى العاضد يعاتبه على ذلك فحلف على البراءة من ذلك، ونسبه إلى العمّة، وأحضر ابنه رزّيك وولّاه الوزارة مكان أبيه، ولقّبه العادل فأذن له في الأخذ بثأره، فقتل العمّة وابن قوّام الدولة والأستاذ عنبر الريفي وقام بحمل الدولة، وأشير عليه بصرف شاور من قوص، وقد كان أبوه أوصاه ببقائه وقال له: قد ندمت على ولايته، ولم يمكني عزله، فصرفه وولّى مكانه الأمير بن الرفعة فاضطرب شاور وخرج إلى طريق الواحات وجمع وقصد القاهرة، وجاء الخبر إلى رزّيك فعجز عن لقائه، وخرج في جماعة من غلمانه بعدة أحمال من المال والثياب والجوهر، وانتهى إلى طفيحة، واعترضه ابن النضر وقبض عليه، وجاء به إلى شاور فاعتقله واعتقل معه أخاه، فأراد الهرب من محبسه فوشى به أخوه فقتل لسنة من ولايته ولتسع سنين من ولاية أبيه.
[(وزارة شاور ثم الضرغام من بعده)]
ودخل شاور القاهرة سنة ثمان وخمسين، ونزل بدار سعيد السعداء ومعه ولده طين وشجاع والطازي، وولّاه العاضد الوزارة ولقّبه أمير الجيوش، وأمكنه من أموال بني رزّيك فاستصفى معظمها، وزاد أهل الرواتب والجرايات عشرة أمثالها، واحتجب