للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شيء من أمره، ثم عاد يحيى بن موسى إلى سلطانه. ونهض السلطان أبو بكر من قسنطينة إلى تونس بعد أن استكمل الحشد والتعبية، فأجفل ابن أبي عمران عنها، ودخل إليها السلطان في رجب من سنته إلى أن كان ما نذكره.

[(الخبر عن مراسلة ملك المغرب في الاستجاشة على بني عبد الواد وما يتبع ذلك من المصاهرة)]

كان السلطان أبو بكر لما خلص من واقعة الرياس نجا إلى بونة، وركب منها البحر إلى بجاية، وقد ضاق ذرعه بإلحاح بني عبد الواد على ممالكه وتجهيز الكتائب على ثغره وترديد البعوث إلى وطنه، فأعمل نظره في الوفادة على ملك المغرب السلطان أبي سعيد ليذكره ما بين سلفه وسلفهم من السابقة، وما لهم عند بني عبد الواد من الأوتار والإحف، ليبعث بذلك دواعيهم على مطالبة بني عبد الواد: فيأخذ بحجزتهم عنه.

ثم عيّن للوفادة عليه ابنه الأمير أبا زكريا، وبعث معه أبا محمد عبد الله بن تافراكين من مشيخة الموحّدين لسانا لخطابه ونجيا لشوراه. وركبوا البحر من بجاية فنزلوا بمرسى غساسة، واهتز صاحب المغرب لقدومه وأكرم وفادته واستبلغ في القرى والاجارة، وأجاب دعاءهم إلى محاربة عدوّهم وعدوّه على شريطة اجتماع اليد عليها وموافاة السلطان أبي سعيد والسلطان أبي يحيى بعساكرهما تلمسان لموعد ضربوه لذلك.

وكان السلطان أبو سعيد بعث سنة إحدى وعشرين وسبعمائة يحيى الرنداحي [١] قائد الأسطول بسبتة إلى مولانا السلطان أبي بكر في الإصهار على إحدى كرائمه، وشغل عن ذلك بما وقع من شأن ابن أبي عمران. فلما وفد عليه ابن السلطان وأولياؤه أعاد الحديث في ذلك، وعين للنيابة عنه في الخطبة من السلطان إبراهيم بن أبي حاتم العزفي وصرفه مع الوفد، فوافوا السلطان بتونس آخر سنة ثلاثين وسبعمائة وقد طرد عدوّه وشفى نفسه، فجاءوه بأمنيته من حركة صاحب المغرب على تلمسان. وخطب منه إبراهيم للأمير أبي الحسن ابن السلطان أبي سعيد، فعقد على ابنته فاطمة شقيقة الأمير أبي زكريا السفير إليهم وزفّها إليه في أساطيله سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وأنفذ


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: الزنداجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>