للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الخبر عن تغلب يغمراسن على سجلماسة ثم مصيرها بعد الى إيالة بني مرين)

كان عرب المعقل منذ دخول العرب الهلاليين إلى صحراء المغرب الأقصى أحلافا وشيعا لزناتة، وأكثر انحياشهم إلى بني مرين إلّا ذوي عبيد الله منهم لما كانت مجالاتهم لصق مجالات بني عبد الواد ومشاركة لها. ولما استفحل شأن بني عبد الواد بين يدي ملكهم زاحموهم عنها بالمناكب، ونبذوا إليهم العهد واستخلصوا دونهم المنبات من ذوي منصور أقتالهم، فكانوا حلفاء وشيعة ليغمراسن ولقومه. وكانت سجلماسة في مجالاتهم ومنقلب رحلتهم، وكانت قد صارت إلى ملك بني مرين، ثم استبدّ بها القطراني، ثم ثاروا به ورجعوا إلى طاعة المرتضى. وتولّى كبر ذلك علي بن عمر كما ذكرناه في أخبار بني مرين. ثم تغلّب المنبات على سجلماسة وقتلوا عاملها علي بن عمر سنة اثنتين وستين وستمائة وآثروا يغمراسن بملكها، ودخل أهل البلد في القيام بدعوته وحملوهم عليها. فجأجئوا بيغمراسن فنهض إليها في قومه، وأمكنوه من قيادها فضبطها، وعقد عليها لولده يحيى. وأنزل معه ابن أخته حنينة، واسمه عبد الملك ابن محمد بن علي بن قاسم بن درم [١] من ولد محمد، وأنزل معهما يغمراسن بن حمامة فيمن معهم من عشائرهم وحشمهم فأقام ابنه يحيى أميرا عليها إلى أن غلب يعقوب ابن عبد الحق الموحدين على دار خلافتهم. وإطاعته طنجة وعامّة بلاد المغرب، فوجّه عزمه إلى انتزاع سجلماسة من طاعة يغمراسن وزحف إليها في العساكر والحشود من زناتة والعرب والبربر، ونصب عليها آلات الحصار إلى أن سقط جانب من سورها فاقتحموها منه عنوة في صفر سنة ثلاث وسبعين وستمائة واستباحوها وقتل القائدان عبد الملك بن حنينة ويغمراسن بن حمامة ومن معهم من بني عبد الواد أمراء المنبات، وصارت إلى طاعة بني مرين آخر الأيام: والملك بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده.


[١] وفي نسخة ثانية: درع.

<<  <  ج: ص:  >  >>