النعمانيّة فأجلوا عنها أصحاب دبيس. وتقدّم المسترشد إلى البرسقي بالمسير لحرب دبيس فسار لذلك كما نذكر. ثم أقطع السلطان محمود مدينة واسط للبرسقي مضافة إلى ولاية الموصل فبعث عماد الدين زنكي بن آق سنقر ولد نور الدين العادل.
[نكبة الوزير ابن صدقة وولاية نظام الملك]
قد ذكرنا آنفا أنّ دبيس اشترط على المسترشد في صلحه معه القبض على وزيره جلال الدين أبي علي بن صدقة، فقبض عليه في جمادى سنة ست عشرة، وأقام في نيابة الوزارة شرف الدين عليّ بن طراد الزينبيّ. وهرب جلال الدين أبو الرضي ابن أخي الوزير إلى الموصل. وبعث السلطان محمود إلى المسترشد في أن يستوزر نظام الدولة أبا نصر أحمد بن نظام الملك، وكان السلطان محمود قد استوزر أخاه شمس الملك عثمان عند ما قلّ الباطنية بهمذان [١] وزيره الكمال أبا طالب السميري فقبل المسترشد إشارته، واستوزر نظام الملك، وقد كان وزر للسلطان محمد سنة خمسمائة، ثم عزل ولزم داره ببغداد. فلما وزر وعلم ابن صدقة أنه يخرجه طلب من المسترشد أن يسير إلى سليمان بن مهارش بحديثة غانة، فأذن له، فسار ونهب في طريقه وأسر، ثم خلص إلى مأمنه في واقعة عجيبة. ثم قتل السلطان محمود وزيره شمس الملك فعزل المسترشد أخاه نظام الدين أحمد عن وزارته، وأعاد جلال الدين أبا علي بن صدقة إلى مكانه.
[واقعة المسترشد مع دبيس]
كان دبيس في واقعته مع البرسقي قد أسر عفيفا الخادم، ثم أطلقه سنة سبع عشرة، وحمله إلى المسترشد رسالة بخروج البرسقي للقتال يتهدده بذلك على ما بلغه من سمل أخيه، وحلف لينهبنّ بغداد، فاستطار المسترشد غضبا وأمر البرسقي بالمسير لحربه، فسار في رمضان من سنته. ثم تجهّز للخليفة وبرز من بغداد واستدعى العساكر فجاءه سليمان بن مهارش صاحب الحديثة في بني عقيل، وقرواش بن مسلم وغيرهما. ونهب
[١] هكذا بياض بالأصل وفي الكامل ج ١٠ ص ٦٠٢: «فأرسل السلطان إلى المسترشد باللَّه في معنى وزارة نظام الملك، وكان أخا شمس الملك عثمان بن نظام الملك وزير السلطان محمود، فأجيب الى ذلك واستوزر في شعبان.