مع خالصة من أهل دولته يعرف بعلي بن عبد الرحمن بن الكليب بأحمال من المال يودعها إلى أن يجد السبيل لحاجة نفسه. وكتب له بولاية الجزائر ليقيم بها حتى يخلص إليه. واطلع موسى على ذلك فأطلع أبا تاشفين على الخبر، فبعث في أثره من حاشيته من اغتال ابن الكليب وجاء إليه بالمال والكتب، فاطلع منها على حقيقة أمرهم وأنهم متربّصون به، فاستشاط وجاهر أباه وغدا عليه بالقصر، فأوقفه على الكتاب وبالغ في عذله. وتحيّز موسى بن يخلف إلى أبي تاشفين، وهجر باب السلطان وأغرى به ابنه فغدا على أبيه بالقصر بعد أيام وخلعه، وأسكنه بعض حجر القصر، ووكّل به، واستخلص ما كان معه من الأموال والذخيرة. ثم بعث به إلى قصبة وهران فاعتقله بها، واعتقل من حضر بتلمسان من إخوته، وذلك آخر ثمان وثمانين وسبعمائة وبلغ الخبر إلى المنتصر بمليانة وأبي زيان وعمير، فلحقوا بقبائل حصين واستذمّوا بهم، فأذمّوهم وأنزلوهم عندهم بجبل تيطري. وجمع أبو تاشفين العساكر واستألف العرب من سويد وبني عامر، وخرج في طلب المنتصر وإخوته، ومرّ بمليانة فملكها. ثم تقدّم إلى جبل تيطري وأقام في حصارهم به، وهم ممتنعون عليه. والله تعالى أعلم.
(خروج السلطان أبي حمو من الاعتقال ثم القبض عليه وتغريبه الى المشرق)
لما طال مقام أبي تاشفين على تيطري لحصار إخوته، ارتاب بأمر أبيه وطول مغيبه عنه. وشاور أصحابه في شأنه، فأشاروا بقتله واتفقوا على ذلك، فبعث أبو تاشفين ابنه أبا زيّان في لمة من حاشيته فيهم ابن الوزير عمران بن موسى، وعبد الله ابن الخراساني، فقتلوا من كان معتقلا بتلمسان من أبناء السلطان، وتقدّموا إلى وهران وسمع أبو حمّو بقدومهم، فأوجس الخيفة منهم واطلع من جدران القصبة ينادي بالصريخ في أهل البلد، فتبادروا إليه من كل جهة، وتدلى لهم بحبل وصله من عمامته التي كان متعمما بها، فشالوه حتى استقرّ بالأرض واجتمعوا إليه. وكان الرهط الذين جاءوا والقتلة بباب القصر، وقد أغلقه دونهم. فلما سمعوا الهيعة واستيقنوا الأمر، طلبوا