المسير إليها على ما بينه وبين ايلك خان من المداخلة. ثم هلك خلف سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وأبقى السلطان على ولده عمر، وكان خلف كثير الغاشية من الوافدين والعلماء، وكان محسنا لهم، ألّف تفسيرا جمع له العلماء من أهل إيالته، وأنفق عليهم عشرين ألف دينار، ووضعه في مدرسة الصابوني بنيسابور. ونسخه يستغرق عمر الكاتب، إلّا أن يستغرق في النسخ. واستخلف السلطان على سجستان أحمد الفتحي من قوّاد أبيه ورجع إلى غزنة. ثم بلغه انتقاض أحمد بسجستان فسار إليهم في عشرة آلاف، ومعه أخوه صاحب الجيش أبي المظفّر نصر والتوتناش الحاجب، وزعيم العرب أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الطائي فحاصرهم، وفتحها ثانية، وولى عليها أخاه صاحب الجيش نصر بن سبكتكين مضافة إلى نيسابور فاستخلف عليها وزيره أبا منصور نصر بن إسحاق. وعاد السلطان محمود إلى بلخ مضمرا غزو الهند.
هكذا مساق خبر السلطان محمود مع خلف بن أحمد وخبر سجستان عند العيني.
وأمّا عند ابن الأثير فعلى ما وقع في أخبار دولة بني الصفّار.
[(غزوة بهاطية والملتان وكوكبر)]
ولما فرغ السلطان محمود من سجستان اعتزم على غزو بهاطية من أعمال الهند، وهي وراء الملتان، مدينة حصينة عليها أنطاق من الأصبوان وآخر من الخنادق، بعيدة المهوى. وكانت مشحونة بالمقاتلة والعدّة، واسم صاحبها بجير، فعبر السلطان إليها جيحون وبرز إليه بجير فاقتتلوا بظاهر بهاطية ثلاثة أيام. ثم انهزم بجير وأصحابه في الرابع وتبعهم المسلمون إلى باب البلد فملكوه عليهم، وأخذتهم السيوف من أمامهم ومن ورائهم فبلغ القتل والسبي والسلب والنهب فيهم مبالغه. وسار بجير في رءوس الجبال فستر في شعابها وبعث السلطان سرية في طلبه فأحاطوا به، وقتلوا من أصحابه. ولما أيقن بالهلكة قتل نفسه بخنجر معه. وأقام السلطان محمود في بهاطية حتى أصلح أمورها، واستخلف عليها من يعلّم أهلها قواعد الإسلام، ورجع إلى غزنة فلقي في طريقه شدّة من الأمطار في الوحل وزيادة المدد في الأنهار، وغرق كثير من عسكره. ثم بلغه عن أبي الفتوح والي الملتان أنه ملحد، وأنه يدعو أهل ولايته إلى مذهبه فاعتزم على جهاده، وسار كذلك ومنعه سيجور من العبور لكثرة المدد، ابن خلدون م ٣١ ج ٤