مما لا يشاركه فيه أحد، ومعنى الملك من تصريف القدرة وإظهار الأبهة والعزّ حاصل له دون الخليفة وغيره، وكانت الخلافة حاصلة للعبّاسيّ المنصوب لفظا مسلوبة معنى، والله المدبّر للأمور لا إله غيره.
انقلاب حال الدولة بما تجدّد في الجباية والأقطاع
لما استولى معزّ الدولة طلب الجند أرزاقهم على عادتهم وأكثر لسبب ما تجدّد من الاستيلاء الّذي لم يكن له، فاضطرّ إلى ضرب المكوس وأخذ أموال الناس من غير وجهها، وأقطع قوّاده وأصحابه من أهل عصبيته وغير المساهمين له في الأمر جميع القرى التي بجانب السلطان، فارتفعت عنها أيدي العمّال وبطلت الدواوين واختلف حال القرى في العمارة عما كان في أيدي القوّاد والرؤساء، حصل بهم لأهلها الرّفق فزادت عمارتها وتوفّر دخلها. ولم تكن مناظرتهم في ذلك ولا تقديره عليهم، وما كان بأيدي العامّة والأتباع عظم خرابه لما كان يعدم من الغلاء والنهب واختلاف الأيدي وما يزيد الآن من الظلم ومصادرات الرعايا والحيف في الجباية وإهمال النظر في تعديل القناطر والمشارب، وقسّم المياه على الأرضين فإذا خربت قراهم ردّوها وطلبوا العوض عنها فيصير الآخر منها لما صار إليه الأوّل. ثم أمر معزّ الدولة قوّاده وأصحابه بحماية الأقطاع والضياع وولاتها، وصارت الجبايات لنظرهم والتعويل في المرتفع على أخبارهم. فلا يقدر أهل الدواوين والحسابات على تحقيق ذلك عليهم، ولم يقف عند ذلك على غاية. فبطلت الأموال وصار جمعها من المكوس والظلامات، وعجز معزّ الدولة عن ذخيرة يعدّها لنوائب سلطانه. ثم استكثر من الموالي الأتراك ليجدع بهم من أنوف قومه، وفرض لهم الأرزاق وزاد لهم الأقطاع، فعظمت غيرة قومه من ذلك وآل الأمر إلى المنافرة كما هو الشأن في طبيعة الدول.
دولة بني حمدان مسير ابن حمدان الى بغداد
ولما استولى معزّ الدولة على بغداد وخلع المستكفي، بلغ الخبر إلى ناصر الدولة بن حمدان، فشقّ ذلك عليه، وسار من الموصل إلى بغداد وانتهى الى سامرّا في شعبان سنة أربع. وكان معزّ الدولة حين سمع قدوم عساكره مع ينال كوشه وقائد آخر،