للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علوم الأوّلين والآخرين، وأجريت بها الأرزاق، واختصّت لنفسه يفضي منه إليه في أمن من العيون، وأمر القوّاد والحجّاب وسائر الخدّام فبنوا بجانب المسجد من الدور ما لا يحصى. وكانت غزنة تحتوي على مربط ألف فيل يحتاج كل واحد منها لسياسته ومائدته خطّة واسعة.

[(غزوة الأفقانية)]

لما رجع السلطان إلى غزنة راسل بيدو والي قنوج واسمه راجبان بدلحه وطال بينهما العتاب وآل إلى القتال فقتل والي قنوج، واستلحمت جنوده. وطغى بيدو، وغلب على الملوك الذين معه، وصاروا في جملته، ووعدهم بردّ ما غلبهم عليه السلطان محمود، ونمي الخبر بذلك إليه فامتعض، وسار إلى بيدو فغلبه على ملكه. وكان ابتداؤه في طريقه بالأفقانية طوائف من كفّار الهند معتصمون بقلل الجبال، ويفسدون السابلة، فسار في بلادهم ودوّخها، وعبر نهر كنك، وهو واد عميق، وإذا جيبال من ورائه، فعبر إليه على عسر العبور فانهزم جيبال، واسر كثير من أصحابه.

وخلص جريحا واستأمن إلى السلطان فلم يؤمّنه إلا أن يسلم، فسار ليلحق ببيدو فغدر به بعض الهنود وقتله. فلما رأى ملوك الهند ذلك تابعوا رسلهم إلى السلطان في الطاعة على الإتاوة، وسار إلى مدينة باري من أحصن بلاد الهند فألفاها خالية، فأمر بتخريبها وعشر قلاع مجاورة لها، وقتل من أهلها خلقا وسار في طلب بيدو، وقد تحصّن بنهر أدار ماءه عليه من جميع جوانبه، ومعه ستة وخمسون ألف فارس وثمانون ألف راجل وسبعمائة وخمسون فيلا، فقاتلهم لك يوما، وحجز بينهم الليل فأجفل بيدو، وأصبحت دياره بلاقع، وترك خزائن الأموال والسلاح فغنمها المسلمون وتتبعوا آثارهم فوجدوهم في الغياض والآكام، فأكثروا فيهم القتل والأسر، ونجا بيدو بذماء نفسه، ورجع السلطان إلى غزنة ظافرا.

[(فتح سومنات)]

كان للهند صنم يسمّونه سومنات، وهو أعظم أصنامهم في حصن حصين على ساحل

<<  <  ج: ص:  >  >>