للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن بني يدر [١] أمراء السوس من الموحدين بعد انقراض بني عبد المؤمن وتصاريف أحوالهم)]

كان أبو محمد بن يونس من جملة وزراء الموحدين من هنتاتة، وكان المرتضى قد استوزره ثم سخطه، وعزله سنة خمسين وستمائة وألزمه داره بتاء مصلحت، وفرّ عنه قومه وحاشيته وقرابته. وكان من أهل قرابته علي بن يدر من بني باداسن ففرّ إلى السوس وجاهر بالخلاف سنة إحدى وخمسين وستمائة ونزل بحصن تانصاحت بسفح الجبل حيث يدفع وادي السوس من درن، وشيّده وحصّنه وتغلّب على حصن تيسخت من أيدي صنهاجة وشيده، وأنزل فيه ابن عمه بوحمدين [٢] . ثم تغلّب على بسيط السوس، وجأجأ بني حسان من أعراب المعقل من مواطنهم بنواحي ملوية إلى بلاد الريف، فارتحلوا إليه وعاث بهم في نواحي السوس، وأطاع له كثير من قبائله فاستوفى جبايتهم. وأجلب على عامل الموحدين بتار ودانت وضيّق عليه المسالك، وتفاقم أمره. واتهم الوزير أبو محمد بن يونس بمداخلته وعثر على كتابه إلى علي بن يدر فأمر المرتضى باعتقاله وقتله سنة اثنتين وخمسين وستمائة وأغزى أبا محمد ابن أصال [٣] إلى بلاد السوس في عسكر الموحدين والجند، وعقد له عليها فنزل تارودانت وتحصّن علي بن يدر في تيونودين [٤] . وزحف إليه ابن أصناك في عسكره فهزمه ابن يدر وقتل كثيرا منهم، ورجع إلى مراكش مفلولا. وأقام علي بن يدر على حاله من الخلاف، وأغزاه المرتضى محمد بن علي أزلماط في عسكر من الموحدين سنة ستين وستمائة فهزمهم، وقتل ابن أزلماط فعقد المرتضى من بعده على السوس لوزيره أبي زيد بن بكيت فزحف إليه ودارت الحرب بينهما مليا، وانقلب من غير ظفر، واستفحل ابن يدر ببلاد السوس واستخدم الأعراب من الشبانات وذوي حسّان.

وأطاعته القبائل من كزولة ولمطة وزكن ولخس من شعوب لمطة وصناكة. وجبى الأموال واستخدم الرجال، يقال كان جنده ألف فارس، وكان بينه وبين كزولة فتن


[١] وفي نسخة أخرى: يدر.
[٢] وفي نسخة أخرى: ابن عمه حمدين.
[٣] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: ابن أصناك.
[٤] وفي نسخة أخرى: ثيوينون.

<<  <  ج: ص:  >  >>