ولمّا استولى أبو دبّوس على مراكش سنة خمس وستين وستمائة وفرغ من تمهيد ملكه بها، اعتزم على الحركة إلى السوس، ورحل من مراكش، وقدّم بين يديه يحيى بن وانودين لاحتشاد القبائل ومن بالجبل، ثم أسهل من تامسكروط إلى بسيط السوس، ونزل على بني باداسن وقبيلة ابن يدر على فرسخين من تيونودين. وقصد تيزخت ومرّ بتارودنت وعاين آثار الخراب الّذي بها من عيث ابن يدر، ولما بلغ حصن تيزخت خيّم بساحته وحشد أمما من القبائل لحصاره، وكان بو حمدين [١] ابن عم علي بن يدر فحاصره أياما. ولما اشتدّ عليه الحصار داخل علي بن زكدان من مشيخة بني مرين، كان في جملة أبي دبّوس فداخله في الطاعة، وتقبّل السلطان طاعته على النزول عن حصنه.
ثم أعجله الحرب واقتحم عليهم الجلب ولجئوا إلى الحصن وفرّ حمدين إلى بيت علي بن زكدان فأمره السلطان باعتقاله. واستولى السلطان على الحصن، وأنزل به بعض السادة لولايته. وارتحل أبو دبّوس إلى محاصرة علي بن يدر فحاصره أياما، ونصب عليه المجانيق. ولما اشتدّ عليه الحصار رغب في الإقالة ومعاودة الطاعة، فتقبّل وأقلع السلطان عن حصاره، وقفل إلى حضرته. ولما استولى بنو مرين على مراكش سنة ثمان وستين وستمائة استبدّ علي بن يدر وتملّك سوس واستولى على تارودنت ايغري وسائر أمصاره وقواعده ومعاقلة، وأرهف حدّه للأعراب فزحفوا إليه. وكانت عليه الدبرة، وقتل سنة ثمان وستين وستمائة وقام بأمره علي ابن أخيه عبد الرحمن بن الحسن مدّة. ثم هلك وقام بأمرهم علي بن الحسن بن بدر. ولمّا صار أبو علي بن السلطان أبي سعيد إلى ملك سجلماسة يصلح عقده مع أبيه كما يذكر في أخبارهم، فنزلها وشيّد ملكه بها، واستخدم كافة عرب المعقل فرغّبوه في ملك السوس وأطمعوه في أموال ابن يدر فغزاه من سجلماسة، وفرّ ابن يدر أمامه إلى جبال نكيسة. واستولى السلطان أبو علي على حصنه نانصاصت وسائر أمصار السوس، واستصفى ذخيرته وأمواله، ورجع إلى سجلماسة.
ثم استولى السلطان أبو الحسن من بعد ذلك عليه وانقرض ملك بني يدر. ولحق به